وجهين (1). وقد أجاب بعضهم عن هذا بأن قال : إن مثل الحركة فى أنها قد تعدم منها أشياء ، وتكون الصورة مع عدم تلك الأشياء محفوظة ، هو مثل صورة البيت التي تستحفظ واحدة بعينها ، مع نقص (2) لبنة لبنة ، وسد الخلل الواقع عند النقص (3) بما يقوم مقامها ، فتكون الصورة واحدة بالعدد ، وإن استحفظت بمواد متعاقبة ، وكذلك صورة كل شخص من النبات والحيوان. وكذلك تبقى الملكات النفسانية محفوظة (4) واحدة بعينها ، مع التحلل والاستبدال (5) وتغير المزاج وإنما تبطل الانفعالات وتتجدد ، وكذلك صورة الظل تبقى واحدة بعينها (6) فى النهر الجارى المتغير المادة.
قال (7): لأن مبدأ الفيض وهو البارى تعالى واحد ، والصورة وهو (8) الفيض الصادر واحد (9)، بالقياس إلى صدوره عنه. فما دامت المادة فى حد القبول ، ولو بالتعاقب ، كانت تلك الصورة هى بعينها مستحفظة.
وليس يعجبنى أمثال هذه الأجوبة ، ولا يصح عندى أن يكون للكائنات الفاسدة (10) صورة ثابتة لا تستحيل البتة (11)، اللهم إلا أن يقضى بثبات أجزاء وجدت فى الكائنات من أول الكون ، محفوظة إلى وقت الفساد لا تفارق ولا تبطل ، وتكون مقارنة لصورة واحدة أو قوة واحدة (12) (13)، تلك الصورة أو القوة (14) تستحفظ التحلل الواقع فى سائر (15) تلك الأجزاء وتسد (16) مسده بما تورده من البدل.
ونقول : إنه ليس يكفى فى ثبات الفيض واحدا كون مبدئه المفيض واحدا ، فإن المبدأ المفيض الواحد (17) إذا أفاض على أشياء كثيرة ، كان (18) الفيض يتكثر (19) بتكثرها (20)، سواء كانت متكثرة حاصلة فى زمان واحد ، أو كانت (21) متعاقبة التكثر. فإنه يعلم يقينا أن الصورة القائمة فى اللبنة الثابتة (22) من التركيب ، والصورة الإضافية التي لها بعينها إلى اللبن الموجود ، ليست هى (23) بعينها ما كان يقوم باللبنة الأولى المنتزعة ، ويعرض لها بعينها من الإضافة إذا كانت هذه الأحوال لا تنتقل من موادها ، بل تفسد أشخاصها بفساد أشخاص حواملها. فإذا كان كذلك لم تكن صورة اللبنة الآن هى بعينها التي كانت قبل ، بل تكون شبيهة بتلك ، تسد مسدها. فكما أنه لو لم يتدارك النوع بالالتئام (24)
Halaman 273