وأمّا ابن بشير فقال: أمّا العاجز فقد ذكرنا حكمه فِي التكبير والقراءة، وأمّا غيرهما من الأركان فإن عجز عن جميعها بالمرض أو [ما فِي] (١) معناه فلا يخلو من أن يقدر عَلَى حركة بعض الأعضاء من رأس أو يدّ أو حاجب .. أو غير ذلك من الأعضاء، فهذا لا خلاف أنه يصلّي ويوميء بما قدر عَلَى حركته، فإن عجز عن جميع ذلك سوى النية بالقلب فهل يصلي أو لا؟
هذه الصورة لا نصّ فيها فِي المذهب، وأوجب الشافعي القصد إِلَى الصلاة، ومذهب أبي حنيفة إسقاط الصلاة عمن وصل إِلَى هذه الحال، وأمّا نحن فقد طال بحثنا عن المذهب فلم نجد فيها نصًا، والذي ينتحله أصحابنا فِي المذاكرات ما قالته الشافعية، مع العجز عن نصٍّ أو دليل يقتضيه، [١٠ / ب] والاحتياط مذهب الشافعي، والرجوع إِلَى براءة الذمة مذهب أبي حنيفة، ولا يبعد أن يختلف فيها المذهب إن وجد فيها نصّ. انتهى مختصرًا.
وسلك مسلكه غير واحد كابن الحاجب إذ قال: فلو عجز عن كلّ أمرٍ سوى نيته فلا نصّ، وعن [الشافعي] (٢) وجوب القصد، وعن أبي حنيفة سقوطه (٣). وبعد ما نقل المصنف فِي " توضيحه " كلام المازري المتقدّم قال: وعليه فقول ابن الحاجب: عجز عن كلّ أمرٍ سوى نيته ليس بجيّد؛ لأنه يقتضي أنه لو قدر عَلَى تحريك عينيه لزمته الصلاة بلا إشكال، وهو محمل عدم النصّ عَلَى ما قاله المازري. انتهى.
فقد جعل كلام المازري وابن بشير فِي معرضٍ واحد، كما فعل فِي " مختصره "، وشبهته فِي ذلك أنهما معًا نسبا الوجوب للشافعي والسقوط لأبي حنيفة، وأنت إِذَا تأملت
_________
(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
(٢) في (ن ١): (الشافعية).
(٣) انظر جامع الأمهات، ص: ٩٥، ٩٦.
1 / 184