قلت: لعل قوله بعد هذا: (لا فرض آخر) أعم من أن يكون [أحد] (١) الخمس أو جنازة تعينت أو طوافًا واجبًا، فيكون قيدًا لما أطلق هنا فِي الجنازة والطواف، وليس فِي قوله بعد: (وبطل الثاني ولو مشتركة) ما يبعده ولابد، عَلَى أنّي لا أذكر الآن من صرّح بجواز التبعية فِي الجنازة لفرضٍ أو نفل تعينت أم لا؟
فإن قلت: قوله: (إن تأخرت)؛ إنما يحسن اشتراطه فِي تيمم الفرض لا تيمم النفل؟
قلت: يمكن أن يكون مفهومه بالنسبة لتيمم الفرض مفهوم مخالفة، وبالنسبة لتيمم النفل مفهوم موافقة يفرقه ذهن السامع، ولَمْ يصرح المصنف بشرط الاتصال وهو منصوص فِي سماع أبي زيد، ولا يشترط نية النافلة عند تيمم الفريضة، وقد ذكره ابن رشد (٢).
لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قَصْدًا وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ مُشْتَرَكَةً، لا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ ولَزِمَ مُوَالاتُهُ.
قوله: (لا فَرْضٌ آخَرَ وإِنْ قَصْدًا وبَطَلَ الثَّانِي ولَوْ مُشْتَرَكَةً) أي: لا يصلي بتيمم فرض فرضًا آخر وإن قصد الفرضين معًا بالتيمم الأول، فإن فعل بطل الفرض الثاني وأعاده أبدًا، وصحّ الأول، قال ابن عبد السلام: ولا يقال إنه لما نوى [فرضين] (٣) ولا يستباح به إلا فرض واحد صار كأنه تيمم غير مشروع؛ لأن المقصود الأهم من النية استباحة [٧ / ب] العبادة، وفعله فرضًا أو فرضين من لواحق التيمم، وأحد الفرضين منفصلٌ عن الآخر، والأول عبادة مستقلة بنفسها بخلاف من نوى فِي الذبيحة أن يجهز حتى يبين الرأس، أي: فإنه مختلف فيه، وما ذكر من بطلان الفرض الثاني هو ظاهر قول ابن القاسم فِي سماع أبي زيد، وهو قول مُطرِّف وابن الماجشون، وعَلَى هذا اقتصر ابن عرفة فِي عزوه، ونسبه فِي " النوادر " لابن القاسم من رواية ابن المواز مطلقًا، سواءً كانتا مشتركتي الوقت أم لا.
_________
(١) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ١).
(٢) انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: ١/ ١١٩، والبيان والتحصيل، لابن رشد: ١/ ٢١٢، ٢١٣، وجامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: ٦٩.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن ٣).
1 / 156