الوجه الثامن: ما روى محمد بن عَمْرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسولَ الله ﷺ قال: "لا ترتكبوا (^١) ما ارْتكَبتِ اليهودُ فتَسْتَحِلُّوا محارمَ اللهِ بأَدْنى الحِيَلِ".
رواه ابنُ بطة (^٢)، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم ثنا الحسن بن الصبَّاح الزعفراني، ثنا يزيد بن هارون، ثنا محمد بن عَمْرو.
وهذا إسنادٌ جيِّد يُصحِّح مثلَه الترمذيُّ وغيره (^٣). وقد تقدم ما يشهد له من قصَّة أصحاب السبت.
وهذا نصٌّ في تحريم استحلال محارم الله بالاحتيال، وإنما قال: "بأدنى الحِيَل"؛ لأن المطلِّق ثلاثًا من أسهل الأشياء عليه أن يُعطي بعضَ السفهاءِ عشرة دراهم ويستعيره لِيَنْزُوَ عليها، بخلاف الطريق الشرعي من نكاح الرَّغبة، فإن ذلك يصعُب (^٤)، وهكذا سائر أبواب الحِيَل.
وأيضًا: فإنه نهانا عن التشبُّه باليهود، وقد كانوا احتالوا في الاصطياد يوم السبت - كما ذكرنا -.
_________
(^١) الأصل: لا تركبوا.
(^٢) في "إبطال الحيل" رقم (٥٦).
(^٣) والحديث حسَّنَه الحافظ ابن القيم في "تهذيب السنن": (٥/ ١٠٣)، و"إغاثة اللهفان": (١/ ٣١٣) وقال بمثل ما قال شيخُ الإسلام الحافظُ ابن كثير في تفسيره: (١/ ٢٩٠)، (٤/ ١٤٩٨) وانظر "الدر المنثور": (٣/ ٥٩٢)، و"إرواء الغليل": (٥/ ٣٧٥).
(^٤) تمام العبارة في "الإبطال": "فإن ذلك يصعُب معه عودُها حلالًا، إذ من الممكن أن لا يطلِّق، بل أن يموت المطلِّق أولًا قبله".
1 / 42