فهز رأسه بالإيجاب، فقالت: نحن ننشد الراحة بأي سبيل.
فقال في ضجر: إني مغتم من أجلهم قبل كل شيء. - وأنا مثلك، ولكنني مغتمة من أجل البنت أيضا ... - لست وحشا كما تعلمين، أأنت واثقة من براءتهم؟ - أين مني ليت؟! - هل نمضي إلى الأبد على هذه الحال الجنونية؟!
فصمتت جمالات في غاية من التعاسة ثم تمتمت: ليتنا نعثر عليها لنفعل ما نستطيع من خير.
5
المتاعب الطارئة - رغم حدتها - تهون إذا انتظمتها سلسلة المتاعب القائمة. إنها تصارع كل يوم متاعب اللحوم والمواصلات والتليفون والمجاري، فأوشكت أن تألف مأساة عنايات. غير أن أم عنايات رجعت ذات ضحى. ولم تكن وحدها، فها هي تسوق أمامها عنايات نفسها! يا لها من مفاجأة فجرت الأزمة كأعنف ما يكون الانفجار. اجتاحتها انفعالات متضاربة. تجهم المستقبل - مثل السماء - بالسحب. ها هي عنايات أمامها كما تمنت، ولكن أي ازعاج أثارته! رغم كل شيء رحبت بهما قائلة: الحمد لله!
قالت الأم: أولاد الحلال دلوني عليها، فررت بها لأنقذها من الموت، ولم أجد لها مأوى آمن من بيتك!
حاولت أن تقرأ شيئا وراء الوجه المدبوغ، ولكنه بدا جامدا لا يبين. إنها محاصرة. لا تستطيع أن ترفضها ولا تود أن تقبلها. قالت: سيهتدون إليها هنا ... - آخر مكان يتصورون وجودها به، فضلا عن ذلك فهم يجهلونه، لا ترسليها إلى الخارج، قلبك كله رحمة يا ست ...
نظرت إلى عنايات فأجهشت في البكاء. ذبل جمالها واتسخ. وهي خجلى تعيسة لا تستطيع أن ترفع عينيها. وسحبت جمالات الأم من يدها إلى المطبخ، ثم قالت لها بحزم: أريد أن أعرف ما تعرفين.
فقالت الأم بحرارة: لا أعرف شيئا. - تمكرين بي؟ - لم يكن لدي وقت، تسلمتها وطرت بها قبل أن ينتبه إلينا أحد. - ولكنك قررتها؟ - أبدا وحياتك.
فقالت بإصرار: لا أقبلها حتى أعرف.
Halaman tidak diketahui