فبادره وقد فطن إلى ما وراء السؤال: بل جئت طلبا لحماية فتوة معروف بشهامته!
وتساءل في نفسه: ترى كم من زمن سيجري قبل أن ينهضم مقامه ويألف ويؤلف ثم يتناسى أحزان الماضي كله؟!
وقال لوداد: دفعنا إلى المر ما هو أمر منه.
فقبلته قائلة: إني غير نادمة. - لقد اعترفت للشبلي بحكايتي، والآن آن لي أن أعترف لك.
وقص عليها قصة علاقته بها منذ خرج للبحث عنها حتى وقع في حبها. وأصغت وداد واجمة، وصمتت مليا، ثم قالت: قصة جميلة، ولكنها لا تخلو من رعب.
فقال بحرارة: لم يبق لنا إلا أن نسعد.
ولكن حتى الليلة الأولى لم تخل من تنغيص ومن حزن. لقد حظي بالحماية ولكنه باء بسوء الظن والاتهام كما ثبت أنه غير أهل للثقة. وتساءل أناس هل يرجع الديناري إلى المعارك غضبا لكرامته خارقا ما التزم به من تعهدات سلمية - هو والشبلي - أمام الشرطة؟! هل يثبت شطا الحجري أنه شؤم على المكان الذي وفر له الحماية، كما كان عارا على المهد الذي ولد ونشأ فيه؟!
وانعكس ذلك كله على شطا وتسرب إلى حنايا وداد، فلم تخل الليلة الأولى من شهر العسل من تنغيص ومن حزن.
12
في صباح اليوم التالي ترامت إليهما أنباء عما لحق بأهلهما من تحرش وتضييق في الرزق، وتعرض لشتى ألوان الإهانات والقهر. في السوق أيضا سمعت وداد اللعنات تصب على جمالها الذي يهدد الحارة والدرب. رجعت إلى مسكنها شاحبة الوجه منهزمة وهتفت بعين دامعة: أبي وأمي وأخواتي!
Halaman tidak diketahui