142

Syaitan Berbicara

الشيطان يعظ

Genre-genre

12

مضى الشتاء وأنا أحاول لأول مرة الكتابة، كتابة المذكرات. لم أكن أتذكر إلا المعالم التي لا تنسى وهي قليلة، ولكن التداعي استنقذ من العدم كهوفا مطمورة. وعن سياستي مع أسرتي فقد دأبت على عرض آراء صديقي وكأنما أقصد تسليتهم ليس إلا. وأجاريهم في اتهامه بالخبل ولكني أقول أحيانا: حقا إنه مخبول ولكن خبله لا خطر منه، ثم إنه لا يخلو من حكمة، أليس من المهم أن يقوي الإنسان إرادته ليحظى بحريته الحقيقية؟ وأليس العمل المنتج خيرا من النشاط الانتهازي؟! - وأثنى جلال على منهجي، ووصفه بأنه منهج «تسللي» ذو أثر فعال مع التكرار والصبر، والإصرار حيال ضجر الآخرين.

وقلت له يوما بشأن مذكراتي: لم أستطع حتى الآن تسجيل واقعة زواجي من الراقصة الأجنبية!

فقال بامتعاض: يسوءني أن أسمع ذلك، إن كذبة واحدة تقوض البنيان من أساسه. - لا يعلم به إلا ثلاثة، المرأة وقد طلقت من زمن وغادرت البلاد، أما أنا والمقاول فلنا مصلحة واحدة في إخفائها، وهي كفيلة إذا عرفت بالقضاء علي في الأسرة والمجتمع. - التسجيل مهم لتربيتك أنت، أما النشر فلا أهمية عاجلة له. - قد تطلع عليه الأسرة بعد وفاتي؟ - إذا نجحت في تغيير الأسرة قرأتها بعين جديدة لا خوف عليك منها.

بدأت - رغم اهتمامي الظاهر - كمن يمارس تسلية ممتازة في سجنه ولكنها مضت تنشب في أناملها الناعمة بلا توقف.

13

في ليلة من ليالي الشتاء الملتحمة بالربيع استمعت إلى ألحان شرقية قديمة بعمق وتركيز اكتسبتهما أخيرا ثم أطفأت النور مستقبلا نوما مريحا. كانت أفكار ونبيلة ووفيق في الخارج كالعادة وسرعان ما استغرقت في النوم. ولكنني انتبهت من نومي مكللا بشعور بأنني لم أنم إلا قليلا وأن الصباح ما زال بعيدا. طالعتني ظلمة مكثفة بالستائر المسدلة فأغمضت عيني غير أنني سرعان ما فتحتهما استجابة لصوت غريب يشبه الحفيف. تخايل لعيني شبح إلى يمين الباب فتساءلت: أفكار؟

لكنه لم يرد ولم يتحرك. عجبت لرؤيته رغم الظلمة الكثيفة، حملقت فيه متلقيا دفقة من القلق والخوف. مددت يدي نحو ظهر الفراش حتى عثرت على زر الجرس ثم ضغطت عليه طويلا وقد ضاعف عجزي من خوفي. سيسمع الخدم، وعسى أن يكون وفيق قد رجع. ولما طال الانتظار تسللت يدي الأخرى نحو زر الأباجورة وضغطت مجازفا بالمواجهة ولكن المصباح لم يضيء. هل احتاط الشبح وقطع التيار الكهربائي؟ أخرجني الخوف من صمتي فتساءلت: من أنت؟

ثم مستمرا بصمته. - ماذا تريد؟ ليس في الحجرة نقود!

وإذا بشبح ثان يتراءى لي إلى يمينه أطول منه بقبضة يد. اندفعت صارخا مناديا وفيق ولكن صوتي لم يخرج. لعله الخوف أو الشلل. وسيطر اليأس. وإذا بثالث يقف إلى يمين الثاني على مبعدة مترين من مقدم السرير، وإذا برابع يتجلى رغم الظلمة وهو أضخم الأربعة وأطولهم. امتلأت بوحدتي وعجزي ويأسي المطلق. تساءلت باستسلام: ماذا تريدون؟

Halaman tidak diketahui