108

Syaitan Berbicara

الشيطان يعظ

Genre-genre

فقال بحدة: رواسب اللاوعي لم تجتث بعد. - الرواسب هي مشكلتك.

فقال وهدان المتجلي: إني أضع الأمل في الممثل لا في الشخص، فلعله يندمج في دوره فينقلب تمثيله صدقا مع الزمن!

عند ذاك قال عدلي جواد: لا بأس مطلقا من أن تعيش الشخصين حفاظا على أسرتك وحبك!

كرر جملته مرتين ثم واصل حديثه: من من الناس حولنا يحظى بشخصية واحدة؟ نحن في مسرح كبير، الجميع ممثلون، يقولون كلاما جذابا فوق الخشبة، ويتهامسون بكلام آخر وراء الكواليس، هكذا الجميع من القاعدة حتى العلالي، فليس في حياتك شذوذ، احذر أي تصرف جنوني، دع ذلك للمجانين من زبائن النيابة والسجون، عليك بالسلوك الجدير بعبثي، ملايين يمثلون بلا فلسفة ولكن بوحي من غريزة البقاء، ويواصلون الحياة في ارتياح واستبشار وسرور!

ها هو ينفرد بنفسه ويزن تلك الأقوال بدقة. إنه الآن متحرر من ظلها. وهي طريحة الفراش بين أيدي الممرضات مشغولة بوعكتها عن المبادئ، تتأهب لاستقبال الوليد الذي ستنشئه على مثالها. أجل لقد تلقى النصيحة العملية السديدة التي تصون له حياته وسعادته. سيعيش فوق المسرح زوجا وأبا ومؤمنا ومحاميا، ويبقى وراء الكواليس ضائعا بلا معنى، قاتلا، مغتصبا، عزبا، وحيدا، ينتظر موتا سخيفا في أعقاب حياة سمجة. وكلما ترامق الشخصان - الممثل والأصل - فعليه أن يبتسم، وإن شاء فليضحك، بلا هم ولا غم، وليتذكر أنه لا يمارس شذوذا ما، وأنه يقلد الملايين في حياتهم اليومية.

12

بدا في وقت ما أن الصراع يمضي نحو مستقر، لاح الأمان أيضا في الأفق مع سحائب الخريف. وقال لنفسه إن آثامه ليست شيئا إذا قيست إلى آثام الآخرين من السادة القتلة وقطاع الطريق المتهادين فوق المسرح بين التهليل والتصفيق.

ولكن عادت فتحية فأشرقت الفيلا بنورها. عادت إلى مقعدها وانتفض الوليد بحياته الجديدة فوق حجرها. لقد سمته سليمان باسم أبيها وسوف ينشأ نشأة جديدة تقيه من وباء الانقسام وتحقق له وحدته. وتبدت سعيدة بوليدها، سعيدة أيضا بالرجل الذي أعادت خلقه من جديد. الحق أن استقراره تزعزع بحضورها. إنها نقية صادقة. رغم تزمتها، بل رغم صرامتها وعنفها. فهي نقية صادقة. إلى جانب نصاعة بياضها لاح لونه أغبر قاتما. حقا إنها ينبوع الحب والعذاب. من القلة النادرة التي لم تحترف التمثيل فرجع مضطرا إلى المقارنة بين ذاتيهما. في غيبتها ساد العقل والمنطق وسيطرت ذكرى الحب ولكن في حضورها انكشف الحب عن خدعة وفرية. هذه السيدة الجميلة الصادقة لا يمكن أن تبقى على حب قاتل مغتصب ضائع. ستقضي على العلاقة بعدم الشرعية. لا حب ثمة ولا زواج ولا أبوة في محضرها. المطاردة تعنف، اليأس يستفحل. وعجب لشأنه ولحدة انقلابه. التزعزع لا يغزوه نتيجة لضعفه وحده، ولكن بوحي الحب أيضا. الحب ذو التزام ويجفل من الخداع. هل يدمر الحب باسم الحب؟ وكأنه أزمع الدفاع عن نفسه فقال لها: من يقرأ الصحف يقتنع تماما بأن الصفوة نفسها تعيش وجهين، وأنها لا تصدق مع ذاتها إلا وهي تمارس الشر في الخفاء!

فقالت على الفور: المؤمن وحده من يعيش بوجه واحد.

سرعان ما صمم على ألا يقدم مختارا على طعن سعاته طعنة الموت. سوف يألف هذه الحياة رغم قربها، وسوف يتحرر مع الزمن من آلامها. ونسمت من الباب المفتوح نفحة خريف عذبة مختلطة بالأصوات الغامضة الصادرة عن سليمان.

Halaman tidak diketahui