104

Syaitan Berbicara

الشيطان يعظ

Genre-genre

وسألته ذات ليلة: هل يوجد شيء لا تعرفه عني.

فأجاب متوجسا: إني أعرفك تماما. - وأعتقد عادة أني أعرفك كذلك، ولكنك تبدو لي أحيانا كاللغز ...

رأى شبح تحقيق يقترب فقال: إني شخص في غاية البساطة. - أقول أحيانا لنفسي إنه يكره العمل، إنه ينهمك في القراءة، إنه لا يهتم بشي مما يهتم به الآخرون!

فرمقها بحيرة فقالت: من أنت؟ ما أنت؟ في البلد هموم وتيارات، ما موقفك منها؟

فتساءل وهو يفكر بسرعة وحذر: ألا يعيش الإنسان حياة كاملة بغير ما تسألين عنه؟ - إنسان مثلك لا بد أن يكون صاحب رأي ولو كان مفاده الكفر بجميع الآراء! - لا حديث لنا مع الأصدقاء إلا ذلك ... - ألا تعدني صديقة أيضا؟ - بلى ولكني أصون حياتنا مما يزعجها ... - أكنت دائما تعيش في نطاق ذاتك؟

فضحكت عاليا. بوسعه أن يبوح بأسرار صادقة كثيرة دون خطر. قال: لي تجارب حافلة.

فقالت بلهفة: هات ما عندك، حدثتني مرة عن رد فعل عنيف عقب وفاة أبيك؟ - أجل، رد فعل اجتاح أبي وتراثه، ولعلك تدهشين إذا عرفت أن المرحوم يسري أحمد هو أول من ساعدني على التمرد، كان وقتها يتمرد على الإيمان فنفخ في من روحه المتمردة وأشركني في قراءة كتبه، فتعرضت لأزمة غير يسيرة وتبنيت إلحادا شاملا ...

تمتمت بامتعاض: فقدت إيمانك كله؟! - كله ... وخيل إلي أني أكتشف العالم من جديد ... - أدام ذلك طويلا؟ - على فكرة، لا شيء يدوم معي طويلا في عالم الفكر، ما هو إلا طور يعقبه طور جديد، وفي أقصر وقت يتصوره العقل ...

فقالت بقلق: وهناك العواقب العملية لذلك! - هو ذلك، إني لا أحب الكذب! - وانتهيت إلى إهمال الدنيا!

فتفكر قليلا ثم قال: لا أظن، العكس تماما ما حصل، اندفعت لاكتشاف الدنيا، وملء الفراغ، عند ذاك تسلمني عدلي جواد، ففتح لي باب الديمقراطية في وقت كانت تذكر عادة مصحوبة باللعنات، فعرفت تاريخ مصر المجهول قبل الثورة، واستفزني الحماس، فطال لساني حتى استدعاني رجل الأمن بالكلية وأنذرني ... - لذاك الحد؟ - أجل لم أكن سلبيا كما تتصورين، غير أن المرحلة الديمقراطية لم تطل ولم ترسخ فسرعان ما تقدم الصفوف عبد الباري خليل ! - أعوذ بالله! - تبوأ مركز الأستاذ مني وراح يعيرني كتبا عن المادية الجدلية والتفسير المادي للتاريخ وصراع الطبقات والجنة الموعودة.

Halaman tidak diketahui