واحتلت اللهجات القبلية مكانًا واضحًا بين شواهد الكتاب وأمثلته ونصوصه التي اعتمد عليها المؤلف في الاستنباط والاحتجاج ووضع القواعد والأحكام.
وجاء ذكره للغات الفصيحة في ثمانية عشر موضعًا من ضمنها ثلاثة مكررة. ومن خلال شرحه يتضح أنه يصرح تارة بأسماء القبائل، وينسب إليها لغاتها، مثل لغة قريش والحجاز وربيعة وكنانة ولغة بني الحارث بن كعب ولغة بني تميم وبني سليم اللتين تكرر ذكرهما في الكتاب. وهؤلاء جميعًا فصحاء موثوق بعربيتهم.
وتارة اخرى يقف عند قوله (وهي لغة مشهورة) أو (وهي لغة معروفة) أو (من العرب ...) أو (على هذه اللغة جاء ...) إلى غير ذلك من اصطلاحات الرواية والسماع.
المنهج العام للاستشهاد في الكتاب:
مكن ابن مالك سعة ثقافته، وتنوع مصادرها، وكثرة محفوظه من رسم منهج متميز في الاستدلال بالشواهد والقياس عليها.
وأهم ملامح هذا الاتجاه احترامه الشديد للسماع. وهذا الاحترام هو الذي حمله في كثير من الاحيان على قبول الشواهد من القراءات غير المشهورة أو الشاذة، ومن الشعر وأقوال العرب والحديث الشريف. قاعدته في ذلك (لا عدول عن الأتباع عند صحة السماع). (٧٥) ولم يتردد عن مخالفة بعض الأصول التي وضعت سابقًا لأجل أن تتفق مع الشاهد.
وحتم عليه أخذه بالشواهد والقياس عليها مخالفة نحاة التزموا بمقاييس لا يؤيدها السماع أو الاستدراك عليهم، فقد صرح بمخالفة "أكثر النحويين"، (٧٦) ومخالفة البصريين (٧٧) وسيبويه (٧٨) والفراء. (٧٩)
وقد يوحي إليه السماع برأي جديد لم يتنبه عليه النحاة، كمذهبه في وجوب حذف اللام الفارقة إذا كان بعد ما ولي "إن" المخففة نفي واللبس مأمون، محتجًا بقول الشاعر: (٨٠)
_________
(٧٥) شواهد التوضيح: الورقة ١٤ ظ.
(٧٦) شواهد التوضح: الورقة ١٦ ظ.
(٧٧) شواهد التوضيح: الورقة ٩ و.
(٧٨) شواهد التوضيح: الورقة ١٧ و.
(٧٩) شواهد التوضيح: الورقة ٢٤ ظ.
(٨٠) شواهد التوضيح: الورقة "٩ و". وينطر الورقة ٢١ و.
1 / 29