Sharh Talwih
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
Genre-genre
قوله: "مسألة" قال فخر الإسلام رحمه الله تعالى: إذا أريد بالأمر الإباحة أو الندب فقد زعم بعضهم أنه حقيقة، وقال الكرخي والجصاص: إنه مجاز، والظاهر أن هذا الاختلاف ليس في صيغة الإباحة، والندب من الوجوب بعضه في التقدير كأنه قاصر لا مغاير أما في اصطلاح غيره من العلماء فالمجاز لفظ أريد به غير ما وضع له سواء كان جزأه أو معنى خارجا عنه، وهذا التعريف صحيح عند فخر الإسلام رحمه الله تعالى لكن يحمل غير الموضوع له على المعنى الخارجي بناء على عدم إطلاق الغير على الجزء فإن الجزء عنده ليس عينا، ولا غيرا على ما عرف من تفسير الغير في علم الكلام
...................................................................... ..........................
الأمر لوجهين: أحدهما أن فخر الإسلام رحمه الله تعالى بعدما أثبت كونها حقيقة للوجوب خاصة، ونفى الاشتراك اختار القول الأول، وهو أن الأمر حقيقة إذا أريد به الإباحة أو الندب، وقال هذا أصح: وثانيهما أنه استدل على كونه مجازا بصحة النفي مثلما أمرت بصلاة الضحى أو صوم أيام البيض ولا يخفى أنه لا دلالة في هذا على كون "صلوا صلاة الضحى أو صوموا أيام البيض" مجازا، وإنما يدل على أن إطلاق لفظ الأمر على هذه الصيغة ليس بحقيقة بل الخلاف في أن إطلاق لفظ أمر على الصيغة المستعملة في الإباحة، والندب كما في قوله تعالى: {كلوا واشربوا} [البقرة:60]، وقوله تعالى: {فكاتبوهم} [النور:33]، ونحو ذلك حقيقة أو مجازا، وهذا ما ذكر في أصول ابن الحاجب، وغيره أن المندوب مأمور به خلافا للكرخي وأبي بكر الرازي وهو الجصاص، والمباح ليس بمأمور به خلافا للكعبي فالجمهور على أن لفظ الأمر حقيقة في الندب؛ لأن المندوب طاعة، والطاعة فعل المأمور به؛ ولأن أهل اللغة مطبقون على أن الأمر ينقسم إلى أمر إيجاب، وأمر ندب، وهذا لا ينافي كون صيغة الأمر مجازا في الندب، وأما الإباحة فالجمهور على أن لفظ الأمر مجازا فيها؛ لأن الأمر للطلب، وهو يستلزم ترجيح المأمور به على مقابله. وأما عند الكعبي فالمباح واجب لكونه ترك الحرام أو مقدمة له فيكون مأمورا به، وجوابه أن المباح الذي يحصل به ترك الحرام لا يتعين لذلك بل يجوز أن يحصل ترك الحرام بمباح آخر لا يلزم كونه واجبا مخيرا؛ لأنه يجب أن يكون واحدا مبهما من أمور محصورة معينة، والمباحات التي يحصل بها ترك الحرام ليست كذلك فهذا محمل جيد لكلام فخر الإسلام رحمه الله تعالى لولا نظم الندب، والإباحة في سلك واحد، وتخصيص الخلاف بالكرخي والجصاص؛ فلهذا ذهب أكثر الشارحين إلى أن هذا الاختلاف إنما هو في صيغة الأمر، وأولوا كلام فخر الإسلام رحمه الله تعالى بأن الأمر حقيقة الوجوب خاصة عند الإطلاق، وللندب، والإباحة عند انضمام القرينة كما أن المستثنى منه حقيقة في الكل خاصة بدون الاستثناء، وفي الباقي مع الاستثناء.
Halaman 295