Sharh Risala Nasiha
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
Genre-genre
قالوا: ويزيد ذلك أن الإنسان منا قد يعلم بالأخبار المتواترة
أمرا؛ ثم يشاهده بعد ذلك بالحاسة فيجد مزية وحالا غير ما تقدم، وهذا كما ترى يوجب كونه تعالى عالما بالمدركات من المسموعات والمشمومات والمذوقات غير مدرك لها فيما لم يزل، وأنه مدرك لها بشرط البقاء بعد وجودها فيما لا يزال.
[معنى كون الله سميعا بصيرا]
وترتيب الإستدلال في هذه المسألة: أن يعلم أنه تعالى حي بما تقدم، ثم يعلم أنه لا آفة به لا ستحالة الجوارح والآلات -التي لا تكون إلا في الأجسام- عليه تعالى؛ لأن المعقول من الآفات فساد الجوارح والآلات ، فإذا تقرر علم ذلك ثبت العلم بأنه تعالى سميع بصير مدرك للمدركات.
دليله في الشاهد أن من كان حيا لا آفة به تمنعه من السمع والبصر يجب أن يدرك المدركات، ولو لم يكن حيا أو كان حيا إلا أن به بعض الآفات في السمع والبصر أو محل الحياة لم نعلمه مدركا.
فقد صح بهذه الأدلة المتقدمة أن الله، سبحانه، سميع بصير مدرك للمدركات.
و(الذرة): دويبة لطيفة، وربما كانت سوداء.
و(الصفات): هي الصخرة الملساء.
قال الحطيئة يخاطب الزبرقان وقومه:
ماذا علي إذا فلت معاولكم .... من آل لاي صفات أصلها راسي
وقوله: (سوداء في سودا من الليالي): فعلى قول من يقول الإدراك بمعنى العلم، يقول إنه سبحانه يعلم النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصفات السوداء؛ إلا أنه سبحانه عالم لذاته، وذاته مع المعلومات على سواء، فيجب أن يعلم الجميع من دقيق المعلومات وجليلها لفقد الإختصاص ، والنملة ودبيبها في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء من جملة المعلومات.
وعند من يقول إن الإدراك زائد على العلم يقول إنه سبحانه يرى شخصها في هذه الحال ويسمع همسها، وكلا القولين دال على عظيم حاله سبحانه وتعالى.
Halaman 133