ومنهم من لا يجعلها عوضًا من شيء، ولكن يقول: هذه صيغة صيغت للتثنية، وليست بتثنية صناعية. لأن حد المثنى عندهم ما تنكرت معرفته، وتعرفت نكرته، كزيد والرجل. وهذه أسماء الإشارة لا تتنكر بحال، فلذلك كانت صيغا للتثنية. ألا ترى أنها لو كانت تثنية على الحقيقة لوجب أن يفعل في «هذا» ما فعل في «فتى» من قلب ألفه ياء، كما قلبت ألف «فتى» فقلت: فتيان. فلما لم تقلب بل حذفت دل على أنها ليست تثنية صناعية، وإنما هي صيغة صيغت للتثنية كما صيغت «اللذان» و«اللتان» في الأسماء الموصولة.
فإن قيل لك: ولم لا تكون «اللذان» و«اللتان» تثنية حقيقية وفيهما الألف واللام، وواحدهما «الذي» و«التي» كالشجي والعمي؟ . فقل: لو كان مثله لوجب أن تثبت الياء في التثنية كما ثبتت ياء الشجي والعمي فتقول: اللذيان واللتيان، كما قلت الشجيان والعميان. [ولا يجوز ذلك. لأن «الذي» و«التي» اسمان مبنيان غير متمكنين. و«شج» و«عم» اسمان معربان متمكنان. والإعراب مقدر في أواخرهما. فحذفت الياء من «الذي» و«التي» في التثنية للفرق بين [تثنية] المعرب والمبني، والمتمكن وغير المتمكن. فلذلك كانت تثنيتهما غير حقيقية فقلت: «اللذان» و«اللتان»، بحذف يائهما. وقلت في تثنية «شج» و«عم» الشجيان والعميان باثبات يائهما، ولو كانت تثنية «الذي» و«التي» صناعية لأثبت الياء في آخرهما كما أثبتها في آخر «شج» و«عم» وكنت تقول: اللذيان واللتيان، كما قلت: الشجيان والعميان]. وفي عدم ذلك دليل على ما قلناه.
1 / 131