وذهاب ثم رجع إلي المفردات ففسر الجذم بالأصل، والأذواد جمع ذود، والذود يقع علي ما دون العشرة، وقال أكثر أهل اللغة: إنها تقع علي الإناث دون الذكور، وبعضهم يجوز وقوعها علي الذكور أيضا، وما في البيت يشهد للأول.
ثم أنتقل إلي البيت الثاني فقال: «أموالنا ثلاثة أثلاث، فيرتفع الثلاثة علي أنه خبر مبتدأ محذوف، وما بعدها تفسير لها وتعليل، ونبه بما أورد وقسم الوجوه التي انصرفت إليها أموالهم فأفنتها، والطرق التي توزعتها فقللتها، فقال: افترقت أموالنا فرقا ثلاثا: ففرقة منها صرفناها إلي أثمان خيلنا لأنا غزاؤون ومعالجو حروب فلا نستغني عنها، إذ كان جدنا وهزلنا منها وبها، وفرقة منها حبسناها علي أقواتنا ومعايشنا لأن العفاة والزوار كانت تنتابنا وتتناوب عليها حتى تستغرقها لان إقامتنا بدار الحفاظ شغلتنا عن الغزو واجتذاب الزيادة إليها، وفرقة وجهناها إلي الديات وأروش الجنايات التي كسبتها أيدينا وإجترحتها رماحنا إذ كنا لعزنا ومنعتنا لا يطمع في الاقتصاص منا، ومثل هذا قول الآخر:
«نأسو بأموالنا آثار أيدينا»
فواضح من شرح البيت الثاني: أن المرزوقي يجنح إلي الإطناب في تصوير المعني وهو إطناب قائم علي الترادف في الألفاظ وتتابع الجمل التي تؤكد المعني الواحد وتقوية وذلك مثل قولة: «الوجوه التي انصرفت إليها أموالهم فأفنتها، والطرق التي توزعتها فقللتها» ومثل «كسبتها أيدينا، وأجترحتها رماحنا» والترادف مثل «غراؤون ومعالجو حروب» ومثل «تنتابنا وتتناوب عليها» و«عزنا ومنعتنا» كما نراه يجنح إلي تفريغ المعني وتنميته، فهو حين ذكر الوجه الأول: من وجوه مصارف أموالهم وهو أثمان الخيل فرع منة قولة: لأنا غزاؤون ومعالجو حروب فلا نستغني عنها، إذ كان جدنا وهزلنا منها وبها، وحين ذكر الوجه الثاني: وهو الأقوات والمعايش فرع منة قولين كلاهما تعليل لحبس المال في هذا المصرف، أحدهما قولة: لأن العفاة والزوار كانت تنتابنا وتتناوب عليها حتى تستغرقها، والآخر قولة: لأن إقامتنا
2 / 14