وَأهل الرجل: زَوجته وَمن يجمعه وإياهم نسب أَو دين أَو صناعَة أَو بَيت أَو بلد أَو مَا يجْرِي مجْرى ذَلِك، فَهُوَ يسْتَعْمل فِي جَمِيع ذَلِك، وَالْمرَاد هُنَا الزَّوْجَة فَقَط، وَلِهَذَا صرحت بِهِ بعد ذَلِك فِي قَوْلهَا: " ويتزود لذَلِك ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثلهَا " وَلم يكن للنَّبِي ﷺ حِينَئِذٍ امْرَأَة غير خَدِيجَة ﵂، أَي أَنه كَانَ يُقيم بِغَار حراء الْأَيَّام مَعَ اللَّيَالِي، وَلَو لم تقل لما فهم ذَلِك من قَوْلهَا: " اللَّيَالِي أولات الْعدَد " على مجرده إِذْ كَانَ من الْجَائِز أَنه كَانَ يتعبد فِي الْغَار لَيْلًا وَيرجع إِلَى أَهله نَهَارا، فَأَشَارَتْ عَائِشَة إِلَى أَنه ﷺ كَانَ يتزود لمُدَّة يَنْقَطِع فِيهَا بِالْغَارِ لَا يرجع فِيهَا إِلَى أَهله حَتَّى يفنى زَاده، أَو يشتاق إِلَى أَهله فَيرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثل تِلْكَ الْمدَّة إِذا أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى حراء أَي لمُدَّة أُخْرَى.
وَلم تكن عَائِشَة ﵂ مُشَاهدَة شَيْئا من ذَلِك بل لم تكن مَوْجُودَة حيتئذ إِنَّمَا ولدت بعد النُّبُوَّة بِمدَّة لِأَن النَّبِي ﷺ بنى بهَا بِالْمَدِينَةِ وَهِي بنت تسع سِنِين، وَكَانَت إِقَامَة النَّبِي ﷺ بِمَكَّة بعد النُّبُوَّة عشر سِنِين، وَقيل: ثَلَاث عشرَة سنة، وَقيل: خمس عشرَة.
وَإِنَّمَا هَذَا الحَدِيث من بَاب مُرْسل الصَّحَابِيّ الَّذِي حكمه حكم الْمسند المسموع من النَّبِي ﷺ أَو الْمُشَاهدَة، فعائشة تكون قد سَمِعت ذَلِك من النَّبِي ﷺ أَو من أَبِيهَا أَو غَيره مِمَّن شَاهد ذَلِك، وعبرت عَنهُ بِهَذِهِ الْعبارَات الفصيحة البديعة المتقنة الْأَلْفَاظ والمعاني.
1 / 107