وأضاف الكرى إلى النوم كما يضاف البعض إلى الجنس، كأن النوم لجنس الفعل، والكرى لما كان على جهةٍ مخصوصةٍ. يقول: إذا نام النومة التي أشار إليها لم يزل له رقيبٌ وحافظٌ من قلب رجلٍ جادٍ في الأمور، مفاجئ عريضٍ، وهذا الرجل هو هو. كأنه يريد إذا نام عينه لا ينام قلبه. والشيحان والشائح والشيح: الحذر الحازم. قال الهذلي:
وشايحت قبل اليوم أنك شيح
والفاتك: الذي يفاجئ غيره بمكروهٍ أو قتلٍ. وفي الحديث: الإيمان قيّد الفتك. وقال الدريدي: هو الذي إذا هم بالشيء فعل.
ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلة من حد أخلق باتك
يروى:
إذا طلعت أولى العدي فنفره ... إلى سلةٍ
وهي أسلم الروايتين. والعدي: الرجالة الذين يعدون قدام الخيل. وهو اسم صيغ للجمع، كالكليب والضئين. وعلى الرواية الأولى يقول: لا يغفل قلبه عن التحفظ، وعينه ديذبانه إلى سل سيفه. فإن قيل: كيف يكون العين ديذبان القلب، وهذا يقول إذا نام بعينه لم ينم بقلبه، أم كيف تصح هذه الرواية وفيها يتكرر معنىً واحدٌ في مصراعى البيتين، وهل الواجب في هذا إلا أن يقال إن القلب هو ديذبان العين، لأن العين نائمةٌ والقلب منتبهٌ؟ قلت: إنه وصف حالتين، بالمتقدم صفة حال النوم، والثاني هو صفة حال اليقظة والمعنى أن العين رقيب القلب، والمنتظر لإظهار ما يكرهه وتغييره، فإذا كره القلب شيئًا كان العين صاحبه الذي يظهره، فهو ربيئته إلى نزع السيف وتجريده، وإنكار ما أنكره وتغييره. والأخلق: الأملس. والبانك: القاطع. وقوله " إلى سلةٍ " يجوز أن يكون إلى بمعنى مع، كما تقول هذا إلى ذاك، أي
1 / 73