العار الباقي، والذم اللاحق. وهذا قريبٌ من قوله:
وإذا نبابك منزلٌ فتحول
وهو ضد المعنى الذي يقصدونه بالثبات فيه والصبر عليه، من الإقامة في دار الحفاظ والافتخار به، لأن الاتنقال ثم هو الجالب للعار، كما أن الأقامة هنا هو الجالب. فمن ذلك قوله:
وتقيم في دار الحفاظ بيوتنا ... زمنًا ويطغن غيرها للأمرع
ومنه قوله:
يقال محبسها أدنى لمرتعها ... وإن تعادى ببكءٍ كل محلوب
وفي ضده قوله:
دار الهوان لمن رآها داره ... أفراحلٌ عنها كمن لم يرحل
وقول الآخر:
ولسنا بمحتلين دار هضيمةٍ ... مخافة موتٍ إن بنا نبت الدار
وانتصب " حاجبا " على أنه مفعول ثانٍ لأجعل، لأنه بمعنى أصير. والتقدير: أجعل هدمها حاجبًا لعرضي، ومانعًا من باقي الذم. ول " جعلت " غير مواضع، يكون بمعنى خلقت وأنشأت فيتعدى إلى مفعولٍ واحد، كقول الله تعالى: " وجعل الظلمات والنور "؛ ويكون بمعنى سميت، كقوله تعالى: " وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا "؛ ويكون بمعنى ظننت، تقول: جعلته عبدًا وشتمته، أي ظننته؛ ويكون بمعنى طفق فلا يتعدى. تقول جعل يكلمه، أي أقبل. وعلى هذا قوله:
جعلت وما بي من جفاءٍ ولاقلى ... أزوركم يومًا وأهجركم شهرا
ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت ... يميني بإدراك الذي كنت طالبا
1 / 53