146

Sharh Aqidah Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Penyiasat

أحمد شاكر

Penerbit

وزارة الشؤون الإسلامية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٨ هـ

Lokasi Penerbit

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَأَيْضًا: فَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ». فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ إِلَّا أَنْ تَتَكَلَّمَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِيثِ النَّفْسِ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُ بِهِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِهِ، وَالْمُرَادُ: حَتَّى يَنْطِقَ بِهِ اللِّسَانُ، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي اللُّغَةِ، لِأَنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا خَاطَبَنَا بِلُغَةِ الْعَرَبِ. وَأَيْضًا فَفِي السُّنَنِ: «أَنَّ مُعَاذًا ﵁ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ». فَبَيَّنَ أَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا هُوَ بِاللِّسَانِ. فَلَفْظُ الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا، مِنْ فِعْلٍ مَاضٍ وَمُضَارِعٍ وَأَمْرٍ وَاسْمِ فَاعِلٍ -: إِنَّمَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَسَائِرِ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا كَانَ لَفْظًا وَمَعْنًى. وَلَمْ يَكُنْ فِي مُسَمَّى الْكَلَامِ نِزَاعٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَإِنَّمَا حَصَلَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبِدَعِ، ثُمَّ انْتَشَرَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُسَمَّى الْكَلَامِ وَالْقَوْلِ وَنَحْوِهِمَا - لَيْسَ هُوَ مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ شَاعِرٍ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تَكَلَّمَ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَعَرَفُوا مَعْنَاهُ، كَمَا عَرَفُوا مُسَمَّى الرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ تَعَالَى وَإِنَّ الْمَتْلُوَّ الْمَحْفُوظَ الْمَكْتُوبَ الْمَسْمُوعَ مِنَ الْقَارِئِ حِكَايَةُ كَلَامِ اللَّهِ وَهُوَ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ (١). أَفَتُرَاهُ ﷾ يُشِيرُ إِلَى مَا فِي نَفْسِهِ أَوْ إِلَى الْمَتْلُوِّ الْمَسْمُوعِ؟ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِنَّمَا هِيَ

(١) سورة الْإِسْرَاءِ آية ٨٨.

1 / 149