145

Sharh Aqidah Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editor

أحمد شاكر

Penerbit

وزارة الشؤون الإسلامية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٨ هـ

Lokasi Penerbit

والأوقاف والدعوة والإرشاد

هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ! وَيَكُونُ مِمَّا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَصْدِيقِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ بِهِ! فَكَيْفَ وَهَذَا الْبَيْتُ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ مَوْضُوعٌ مَنْسُوبٌ إِلَى الْأَخْطَلِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي دِيوَانِهِ؟! وَقِيلَ إِنَّمَا قَالَ:
إِنَّ الْبَيَانَ لَفِي الْفُؤَادِ ...
وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصِّحَّةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ، فَإِنَّ النَّصَارَى قَدْ ضَلُّوا فِي مَعْنَى الْكَلَامِ، وَزَعَمُوا أَنَّ عِيسَى ﵇ نَفْسُ كَلِمَةِ اللَّهِ وَاتَّحَدَ اللَّاهُوتُ بِالنَّاسُوتِ! أَيْ: شَيْءٌ مِنَ الْإِلَهِ بِشَيْءٍ مِنَ النَّاسِ! أَفَيُسْتَدَلُّ بِقَوْلِ نَصْرَانِيٍّ قَدْ ضَلَّ فِي مَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى الْكَلَامِ، وَيُتْرَكُ مَا يُعْلَمُ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ؟! وَأَيْضًا: فَمَعْنَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، إِذْ لَازِمُهُ أَنَّ الْأَخْرَسَ يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا لِقِيَامِ الْكَلَامِ بِقَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَالْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَإِنَّمَا أُشِيرُ إِلَيْهِ إِشَارَةً.
وَهُنَا مَعْنًى عَجِيبٌ، وَهُوَ: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَهُ شَبَهٌ قَوِيٌّ بِقَوْلِ النَّصَارَى الْقَائِلِينَ بِاللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ! فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: كَلَامُ اللَّهِ هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِذَاتِ اللَّهِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ سَمَاعُهُ، وَأَمَّا النَّظْمُ الْمَسْمُوعُ فَمَخْلُوقٌ، فَإِفْهَامُ الْمَعْنَى الْقَدِيمِ بِالنَّظْمِ الْمَخْلُوقِ يُشْبِهُ امْتِزَاجَ اللَّاهُوتِ بِالنَّاسُوتِ الَّذِي قَالَتْهُ النَّصَارَى فِي عِيسَى ﵇، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّبَهِ مَا أَعْجَبَهُ!
وَيَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: بِأَنَّ الْكَلَامَ هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ: قَوْلُهُ ﷺ: إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ مِمَّا (١). أَحْدَثَ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَا يَقُومُ بِالْقَلْبِ مِنْ تَصْدِيقٍ بِأُمُورٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَطَلَبٍ، لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا يُبْطِلُهَا التَّكَلُّمُ بِذَلِكَ. فَعُلِمَ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِكَلَامٍ.

(١) في الأصل (وإنما). والتصويب من البخاري ١٣/ ٤٩٦ (فتح)، وأحمد ١/ ٤٦٣. ن.

1 / 148