135

Sharh Aqidah Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editor

أحمد شاكر

Penerbit

وزارة الشؤون الإسلامية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٨ هـ

Lokasi Penerbit

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ - مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اعْتِقَادَهُمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ لَمْ يَتَلَقَّوْهُ لَا عَنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا عَنْ أَئِمَّةِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَإِنَّمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ عَقْلَهُمْ دَلَّهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ تَلَقَّوْا مِنَ الْأَئِمَّةِ الشَّرَائِعَ.
وَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ عَلَى فِطَرِهِمُ السَّلِيمَةِ وَعُقُولِهِمُ الْمُسْتَقِيمَةِ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ نِزَاعٌ، وَلَكِنْ أَلْقَى الشَّيْطَانُ إِلَى بَعْضِ النَّاسِ أُغْلُوطَةً مِنْ أَغَالِيطِهِ، فَرَّقَ بِهَا بَيْنَهُمْ. ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ (١).
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الطَّحَاوِيِّ ﵀: أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ، وَأَنَّ نَوْعَ كَلَامِهِ قَدِيمٌ. وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْقُرْآنُ فِي الْمَصَاحِفِ مَكْتُوبٌ، وَفِي الْقُلُوبِ مَحْفُوظٌ، وَعَلَى الْأَلْسُنِ مَقْرُوءٌ، وَعَلَى النَّبِيِّ ﷺ مُنَزَّلٌ، وَلَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ] وَكِتَابَتُهُ لَنَا مَخْلُوقَةٌ، وَقِرَاءَتُنَا لَهُ مَخْلُوقَةٌ [وَالْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ] حِكَايَةً [عَنْ مُوسَى ﵇ وَغَيْرِهِ، وَعَنْ فِرْعَوْنَ وَإِبْلِيسَ - فَإِنَّ ذَلِكَ كَلَامُ اللَّهِ إِخْبَارًا عَنْهُمْ، وَكَلَامُ مُوسَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ مَخْلُوقٌ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ لَا كَلَامُهُمْ، وَسَمِعَ مُوسَى ﵇ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا كَلَّمَ مُوسَى كَلَّمَهُ بِكَلَامِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ لَمْ يَزَلْ، وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا خِلَافُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، يَعْلَمُ لَا كَعِلْمِنَا، وَيَقْدِرُ لَا كَقُدْرَتِنَا، وَيَرَى لَا كَرُؤْيَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُ لَا كَكَلَامِنَا. انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: وَلَمَّا كَلَّمَ (٢) مُوسَى كَلَّمَهُ بِكَلَامِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ - يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ حِينَ جَاءَ كَلَّمَهُ، لَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ أَزَلًا وَأَبَدًا يَقُولُ يَا مُوسَى، كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ (٣)، فَفُهِمَ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِالنَّفْسِ

(١) سورة الْبَقَرَةِ آية ١٧٦
(٢) في المطبوعة (ولما كان)، وهو خطأ.
(٣) سورة الْأَعْرَافِ آية ١٤٣.

1 / 138