134

Sharh Aqidah Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Penyiasat

أحمد شاكر

Penerbit

وزارة الشؤون الإسلامية

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٨ هـ

Lokasi Penerbit

والأوقاف والدعوة والإرشاد

بَشَرٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ أَنْشَأَهُ - فَقَدْ كَفَرَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: أَنَّهُ قَوْلُ بَشَرٍ، أَوْ جِنِّيٍّ، أَوْ مَلَكٍ، وَالْكَلَامُ كَلَامُ مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا، لَا مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا. وَمَنْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمُنْزِلِ ... - قَالَ: هَذَا شِعْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَمَنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرئٍ مَا نَوَى»: قَالَ: هَذَا كَلَامُ الرَّسُولِ، وَإِنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ (١): قَالَ: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ، إِنْ كَانَ عِنْدَهُ خَبَرُ ذَلِكَ، وَإِلَّا قَالَ: لَا أَدْرِي كَلَامُ مَنْ هَذَا؟ وَلَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ذَلِكَ لَكَذَّبَهُ. وَلِهَذَا مَنْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ نَظْمًا أَوْ نَثْرًا، يَقُولُ لَهُ: هَذَا كَلَامُ مَنْ؟ هَذَا كَلَامُكَ أَوْ كَلَامُ غَيْرِكَ؟ وَبِالْجُمْلَةِ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ كُلُّهُمْ، مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَلَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ تَنَازَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ هَلْ هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ قَائِمٌ بِالذَّاتِ، أَوْ أَنَّهُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ وَمَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ وَأَنَّ نَوْعَ الْكَلَامِ قَدِيمٌ. وَقَدْ يُطْلِقُ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى الْقُرْآنِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَلَقٍ مُفْتَرًى مَكْذُوبٌ، بَلْ هُوَ حَقُّ وَصِدْقٌ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَالنِّزَاعُ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ مَخْلُوقًا خَلَقَهُ اللَّهُ، أَوْ هُوَ كَلَامُهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَقَامَ بِذَاتِهِ؟ وَأَهْلُ السُّنَّةِ إِنَّمَا سُئِلُوا عَنْ هَذَا، وَإِلَّا فَكَوْنُهُ مَكْذُوبًا مُفْتَرًى مِمَّا لَا يُنَازِعُ مُسْلِمٌ فِي بُطْلَانِهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ مَشَايِخَ الْمُعْتَزِلَةِ

(١) سورة الفاتحة الآيات ٢ - ٣ - ٤ - ٥.

1 / 137