Sharh Bab Tawhid Al-Uloohiyah min Fatawa Ibn Taymiyyah
شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية
Genre-genre
فصل في الشفاعة المنفية في القرآن
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد.
فبعون الله وتوفيقه نستأنف دروسنا في الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، وقد وصلنا إلى موضوع الشفاعة، والحديث عن الشفاعة هو استكمال للحديث عن الاستغاثة والاستعانة، وكما تلاحظون أن شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في حديثه عن العبودية قد ركّز في هذه الفصول والتي تليها على أعظم وأكثر أنواع العبادة استعمالًا من العباد، وهي مسألة الاستعانة عمومًا، والتي يتجزأ منها ويدخل فيها الاستغاثة، كما تدخل فيها أيضًا الشفاعة، والاستعانة بابها واسع تشمل جميع أنواع الدعاء التي فيها استعانة واستغاثة ونحو ذلك، بينما الاستغاثة جزء من الاستعانة، وكذلك الشفاعة هي جزء من الاستعانة.
وقد تكلم الشيخ في الفصلين السابقين عن موضوع الاستغاثة ومال إلى التفريق بين الاستغاثة وعموم الاستعانة، وذكر صورًا من الاستغاثة.
ولعلي أذكّر بخلاصة في موضوع الاستغاثة فأقول: إن الاستغاثة هي الاستعانة التي يصحبها شيء من الإلحاح، وطلب العون العاجل، وعلى هذا فهي أخص من عموم الاستعانة.
أما الشفاعة فلها لون آخر من الاستعانة، وهي اتخاذ الوسيط مع أصل للانتفاع بهذا الاتخاذ، والشفاعة قد تكون صحيحة وهي الشفاعة المثبتة بشروطها، وقد تكون غير صحيحة وهي الشفاعة المنفية، وهذا ما سيتحدث عنه شيخ الإسلام في هذا الفصل والذي يليه.
قال رحمه الله تعالى: [فصل: في الشفاعة المنفية في القرآن، كقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ [البقرة:٤٨]، وقوله تعالى: ﴿وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة:١٢٣]، وقوله: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة:٢٥٤]، وقوله: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ [الشعراء:١٠٠ - ١٠١]، وقوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر:١٨]، وقوله: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [الأعراف:٥٣] وأمثال ذلك].
13 / 2