Sharh Al-Wasatiyyah - Yusuf Al-Ghafis
شرح الواسطية - يوسف الغفيص
Genre-genre
إثبات صفة السمع وأن الله يسمع ويرى
قال المصنف ﵀: [وقوله: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة:١]].
في هذه الآية إثبات للسمع، وهي وأمثالها تكذب قول المعتزلة الذين قالوا: إنه سميع بذاته، وليس سميعًا بسمع، فالآية صريحة بإثبات الفعل في قوله تعالى: (يسمع) فدل على أنه سميع بسمع، وهو لائق به ﷾، وهذا أيضًا يغلط قول أبي محمد ابن حزم ﵀، فإنه قال قريبًا من قول المعتزلة.
قال المصنف ﵀: [وقوله: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ [آل عمران:١٨١] وقوله: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف:٨٠] (بَلَى وَرُسُلُنَا): المراد بالرسل هنا الملائكة].
وهذا فيه إثبات لسمعه ﷾، وأنه لا يعزب عنه شيء.
ولما ذكر الله ﷾ سمعه علقه بالسر والنجوى، فدل على غيره من باب أولى، ولما ذكر علمه ﷾ علقه بما في الصدور، وهذا يدل على أن المراد من صفة السمع الحقيقة؛ لأن الله ﷾ لو أراد بسمعه العلم، لما كان هذا خاصًا بالسر والنجوى، ولهذا فرق ﷾ بين الصفات، فحين ذكر علمه قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [آل عمران:١١٩] وحين ذكر سمعه جعله في أدنى متعلقات السمع، وهما السر والنجوى، فدل على أن السمع هنا يراد به السمع على حقيقته.
ولهذا صار أخص متعلقاته في القرآن السر والنجوى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ).
قال المصنف ﵀: [وقوله: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه:٤٦]].
وهذا كذلك، ولهذا لما ذكر الله سبحانه معيته جعلها مضافة إلى موسى وهارون، فإن السياق في ذكرهما، وهذه هي معيته الخاصة ﷾ المتضمنة لنصره وتأييده، والسمع هنا ذكر مطلقًا غير مقيد، وكذلك الرؤية ذكرت مطلقةً غير مقيدة.
قال المصنف ﵀: [وقوله: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ [العلق:١٤]].
وهذا إثبات لرؤيته وبصره ﷾.
قال المصنف ﵀: [وقوله: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الشعراء:٢١٨ - ٢٢٠]، وقوله: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة:١٠٥]].
(فَسَيَرَى اللَّهُ): هل المقصود هنا الرؤيا العلمية أو الرؤية البصرية؟ هذا من جهة اعتبار اللغة له اعتبار، لكن من جهة اعتبار الشرع يقال: إن الآية عامة، (فَسَيَرَى اللَّهُ): أي يعلم الله ﷾ عملكم ويبصره.
10 / 6