Sharh al-Bayqooniyyah - Osama Suleiman
شرح البيقونية - أسامة سليمان
Genre-genre
أنواع الإدراج
والإدراج على ثلاثة أنواع: النوع الأول: إدراج في أول المتن، ومثاله: ما رواه أبو هريرة عن نبينا ﷺ أنه قال: (ويل للأعقاب من النار)، والأعقاب: مؤخرة القدم؛ لأنها مظنة الإهمال والنسيان وعدم الغسل، فإذا بـ أبي هريرة يقول: (أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)، فزاد: أسبغوا الوضوء، فحينما نقول: قال ﷺ: (أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار)، نقول: في الحديث إدراج في أول المتن، وهي: أسبغوا الوضوء، والذي بيّن أنها إدراج: رواية البخاري، قال البخاري: قال أبو هريرة ﵁: أسبغوا الوضوء فإني سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: (ويل للأعقاب من النار).
النوع الثاني: إدراج في وسط المتن، ومثاله: ما رواه البخاري من حديث الزهري عن عائشة: (كان النبي ﷺ يتحنث في غار حراء - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد)، فلفظ (التعبد) من كلام الزهري أراد به أن يفسر التحنث، فهذا إدراج في وسط الحديث من الزهري أراد به أن يبين المعنى.
النوع الثالث: أن يكون الإدراج في آخر المتن، ومثاله: حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري: (للعبد المملوك أجران)، هذا هو الحديث، فإذا بـ أبي هريرة يضيف: والذي نفسي بيده! لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك، فهذا كله من كلام أبي هريرة، والذي يثبت أنه من كلام أبي هريرة قوله: بر أمي؛ لأن أمه ماتت قبل بعثته بكثير ﷺ، فكون أبو هريرة يقول: لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك، هذا كلام مدرج من أبي هريرة في آخر الحديث.
ومن الإدراج أيضًا في آخر المتن: إدراج ابن عمر قال: قال ﷺ: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)، وكان ابن عمر يقول: إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، فهذا قول ابن عمر وليس قول النبي ﵊، فهذا يسمى إدراجًا في آخر المتن؛ لأن قوله: وكان ابن عمر يقول، يبين أن القول لـ ابن عمر، فتبين أن هذا الكلام ليس بكلام النبي ﵊.
وهناك أمور لا بد أن نفقهها لأنها تصطدم مع نصوص ثابتة، فمثلًا: حديث: (بين قبري ومنبري روضة)، فلماذا نقول: إن لفظة (قبري) غير صحيحة؟ لأن الصحابة اختلفوا على مكان قبره، فلو كانوا يعلمون أين يدفن لما اختلفوا، فخلافهم حجة على أنه لم يقل: بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، إذ أنهم ما علموا حين مات أين القبر؟ قال العلماء: وهذا يدل على أن الحديث غير صحيح فضلًا على أنه لا يدري أين سيموت، قال تعالى: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ [لقمان:٣٤]، والصحابة اختلفوا أين يدفن، فلو كانوا يعلمون أنه قال: بين قبري ومنبري، إذًا لعرفوا أين القبر؛ لأنه حدد لهم أين القبر.
4 / 6