Pokok Yang Tumbuh di Brooklyn

Nawal Saadawi d. 1442 AH
124

Pokok Yang Tumbuh di Brooklyn

شجرة تنمو في بروكلين

Genre-genre

ورجتها فرانسي، وقد تذكرت عنوان البيت الذي لا تسكنه قائلة: أرجوك ألا ترسلي رسالة إلى البيت، سوف أبقى بعد انتهاء الدراسة كل يوم لمدة ... - إنني لن أعاقبك على ما أوتيت من خيال.

وشرحت المدرسة في رقة الفرق بين الكذبة والقصة، وقالت إن الكذبة شيء تروينه لأنك وضيعة أو جبانة، أما القصة فشيء تنسجينه من حدث كان من المحتمل وقوعه، ولكنك لا تروينها كما وقعت، وإنما تروينها كما ينبغي أن تكون في رأيك.

وانزاح عن صدر فرانسي هم ثقيل لحديث المدرسة، وأصبحت فرانسي بعد ذلك تميل إلى المغالاة في الأشياء، فلم تكن تحكي الحوادث في صدق، ولكنها كانت تضفي عليها ألوانا وظلالا، وتدخل فيها عناصر الإثارة والإطناب، وكانت كاتي تضيق بهذا الاتجاه، ودأبت على تحذير فرانسي وحضها على أن تقول الصدق الصراح، وأن تقلع عن إسباغ ثوب القصة على الأشياء، ولكن فرانسي لم تكن تستطيع أن تقول الواقع الصريح دون تنميق، بل كانت تحس أنها مدفوعة إلى أن تضفي عليه شيئا من لدنها.

وكاتي تمتلك هذه النزعة نفسها، في تلوين أية حادثة، وجوني نفسه يعيش في عالم تكتنفه الأحلام والأوهام، ومع ذلك حاولا أن يخمدا هذه النزعة في نفس طفلتهما، وربما كان هناك سبب وجيه يدعوهما إلى ذلك، أو لعلهما كانا يعلمان أن موهبة الخيال عندهما أضفت على فقر حياتهما وقسوتها لونا ورديا جميلا ساعدهما على تحملها، ولعل كاتي قد ظنت أنهما لو لم يرزقا تلك الموهبة لكان تفكيرهما خليقا بأن يكون أكثر وضوحا، ولرأيا الأشياء على حقيقتها، وكانا خليقين حين يريانها على هذا النحو بأن يشعرا بالكراهية لها، ويلتمسا سبيلا إلى تحسين أحوالهما.

وكانت فرانسي تتذكر دائما ما قالته لها تلك المدرسة الرحيمة: إنك تعلمين يا فرانسي أن كثيرا من الناس خليقون بأن يظنوا أن تلك القصص التي تؤلفينها طول الوقت أكاذيب خطيرة؛ لأنها لا تصور لهم الحقيقة كما يراها الناس، وفي المستقبل حين يعرض لك حدث من الأحداث فعليك أن تقولي كيف وقع بالضبط، ولكنك حين تكتبين لنفسك فاكتبي ما تعتقدين أنه كان يجب أن يكون، قولي الحق، واكتبي القصة، وحينئذ لا يختلط عليك الأمر.

وهذه أحسن نصيحة تلقتها فرانسي، فالحقيقة والخيال كانا يمتزجان في عقلها امتزاجا شديدا، شأن كل طفل وحيد، حتى إنها لم تكن تفرق بين هذه وتلك، ولكن المدرسة ميزت بينهما تمييزا واضحا، ومنذ ذلك اليوم وفرانسي تكتب قصصا قصيرة عما كانت تراه وتحسه وتمارسه، وأصبحت بمرور الوقت تستطيع أن تقول الحقيقة دون أن تضفي عليها إلا القليل من الخيال، الذي تلون به الحقائق تلوينا طبيعيا خفيفا.

وكانت فرانسي قد بلغت العاشرة من عمرها حين وجدت لأول مرة متنفسا في الكتابة، وكل ما كتبته في تلك الفترة تافه، ولكن محاولتها في كتابة القصص كانت ذات أهمية؛ إذ هدتها دائما إلى الصراط الذي يفصل بين الحقيقة والخيال.

وكان من المحتمل أن تشب فرانسي على الكذب الخطير، لو لم تجد ذلك المتنفس في الكتابة.

27

وكان عيد الميلاد فاتنا رائعا في بروكلين، تلوح بشائره في الجو قبل أن يحل بوقت طويل، وأولى البشائر تتمثل في تنقل السيد مورتون بين المدارس، يعلم أناشيد عيد الميلاد، ولكن أول بشرى حقيقية هي ما تبدو عليه نوافذ العرض في المحال.

Halaman tidak diketahui