Pokok Yang Tumbuh di Brooklyn

Nawal Saadawi d. 1442 AH
122

Pokok Yang Tumbuh di Brooklyn

شجرة تنمو في بروكلين

Genre-genre

وما أشد ما لاقت فرانسي من عناء وهي تدخل نيلي في حلته! فقد لبس رداء مهملا من ملابس أمه، بعد أن قص إلى الركبة من الأمام؛ لكي يتسنى له السير في يسر، وانساب ظهر الرداء غير المقصوص القذر يجرجر من ورائه، وحشا نيلي الرداء من الأمام بأوراق الصحف ليبرز صدره، وارتدى فوق الحلة سترة مهلهلة حتى لا يتجمد من البرد، ولبس مع هذه الحلة قناع الموت ووضع فوق رأسه قبعة من قبعات الدربي التي أهملها أبوه، ولكنها كانت كبيرة جدا فلم تمسك برأسه، وإنما غاص فيها واستقرت على أذنيه.

وارتدت فرانسي صدرية من صدريات أمها الصفراء وقميصا أزرق زاهيا ومنطقة حمراء، ولبست قناع الرجل الصيني وثبتته على رأسها بذيل أحمر طوته تحت ذقنها، وألبستها أمها قبعتها الصوفية الخاصة، على غطاء رأسها؛ لأنه كان يوما باردا، ووضعت فرانسي جوزتين للإغراء في سلة عيد الفصح السابق، وانطلق الطفلان إلى الخارج.

وبدت الشوارع مزدحمة بالأطفال ذوي الأقنعة والحلل، يطلقون صفيرا يصم الآذان بأبواقهم المصنوعة من القصدير التي اشتروها ببنس، وكان بعض الأطفال أشد فقرا من أن يشتروا قناعا يساوي بنسا، فسودوا وجوههم بالفلين المحروق، وكان الأطفال الآخرون الميسورو الآباء قد ارتدوا حللا، اشتروها من المحال مثل الحلل الهندية الهشة، وحلل رعاة البقر، وأثواب من القماش الرقيق صنعت في هولندا مما تلبسه العذارى، واكتفى بعض الأطفال المستخفين بأن لفوا أنفسهم بملاءة قذرة وسموها حلة.

واندفعت فرانسي في حشد حاشد من الأطفال، وراحت تتجول معهم، وأغلق بعض أصحاب المحال أبوابهم في وجوه الأطفال، ولكن معظمهم كانوا يبيعونهم بعض الأشياء، وكان بائع الحلوى قد جمع كل قطع الحلوى المكسرة منذ أسابيع، وراح يعبئها في أكياس صغيرة ليتصدق بها على كل من جاء يستجدي، واضطر إلى أن يفعل ذلك لأنه يعيش على البنسات التي يدفعها الأطفال الصغار ولم يرغب في أن يقاطعوه، وأغرت المخابز الأطفال بأن خبزت لهم صنفا من الكعك اللين ووزعته عليهم، وكان الأطفال هم الذين يستبضعون في الحي، وكانوا خليقين بأن يتعاونوا مع المحال التي تعاملهم معاملة طيبة فحسب، وقد فطن الخبازون لذلك، واستمال الفاكهي الأطفال بالموز التالف والتفاح الذي عطب نصفه، ولم تلجأ بعض المحال التي لا تكسب شيئا من الأطفال إلى طردهم منها أو إلى إعطائهم شيئا، اللهم إلا درسا في بيان مساوئ الاستجداء، وأخذ الأطفال يجازون هؤلاء الناس بطرق شديد متكرر على أبوابهم الأمامية، ومن هنا جاء التعبير «قارعو الأبواب».

وما إن حلت الظهيرة حتى انتهى كل شيء، وكانت فرانسي قد تعبت من حلتها غير المريحة، وتجعد قناعها (وهو مصنوع من الشاش الرخيص بعد أن نشي بالنشا الثقيل ، ثم جفف على نموذج ليأخذ شكله)، وكان أحد الصبية قد أخذ بوقها المصنوع من القصدير، وكسره نصفين على ركبتيه، وقابلت نيلي قادما بأنف يسيل دما، بعد أن دخل معركة مع صبي آخر أراد أن يأخذ سلته، ولم يقل نيلي من الذي فاز ولكنه كان يحمل سلة الصبي بجوار سلته، وعادا إلى البيت ليتناولا غداء عيد شكر طيب، يشتمل على وعاء شواء وفطائر صنعت في البيت، وأمضيا العصر يستمعان إلى أبيهما، وهو يسترجع ذكريات تجواله في يوم عيد الشكر حين كان صبيا.

وكذبت فرانسي في يوم من أيام عيد الشكر أول كذبة محكمة لها، واكتشفت كذبتها، وصممت على أن تكون كاتبة.

كانت التمرينات تبدأ في فصل فرانسي في اليوم السابق لعيد الشكر، وترتل كل فتاة من أربع فتيات أنشودة من أناشيد عيد الشكر، وتمسك في يدها رمزا لهذا اليوم، وأمسكت واحدة من البنات بسنبلة من القمح الجاف، وأمسكت أخرى برجل ديك رومي، قصد بها أن تمثل الديك كله، وأمسكت بنت ثالثة بسلة من التفاح، وأمسكت الرابعة فطيرة من قرع العسل، ثمنها خمسة سنتات في حجم الطبق الصغير.

وألقيت رجل الديك الرومي والسنبلة بعد التمرينات في سلة المهملات، ووضعت المدرسة التفاح جانبا لتحمله إلى البيت، وسألت ما إذا كانت إحدى البنات تريد فطيرة القرع، وسال لعاب ثلاثين طفلة، وشعرت ثلاثون يد برغبة في أن ترتفع في الهواء ولكن يدا واحدة لم تتحرك، وبعضهن كن فقيرات، وكثيرات منهن جائعات، ولكنهن جميعا يأبين في كبرياء وشمم أن يقبلن طعام إحسان، وأمرت المدرسة حين لم ترفع واحدة يدها بإلقاء الفطيرة بعيدا.

ولم تستطع فرانسي أن تحتمل ذلك، تلك الفطيرة الجميلة تلقى وهي لم تذق في حياتها فطيرة القرع! وكان ذلك الطعام في نظرها هو طعام الناس الذين يركبون العربات المغطاة، طعام المحاربين الهنود، وكانت الرغبة في تذوقها تستبد بها، فاخترعت في لحظة كذبة وارتفعت يدها إلى أعلى.

وقالت المدرسة: إنني مسرورة لأن فتاة أرادتها.

Halaman tidak diketahui