دار السيدة غير أن تلك على فناء، وفي هذه الدار خدم وشيخ من الفرسان المقدمين منهم أبو هلال الراغبي؟
- ٢ - (١)
وفي هذا الدار [يعني دار راغب الكبرى] خدم وشيوخ من الفرسان المتقدمين منهم ابو هلال الغرابي، أدركته أنا وهو ابن قريب من مائة سنة.
وحدثني أبو الطيب يمن بن عبد الله الزبداني، أحد فرسان طرسوس وقوادها، أنهم كانوا في بعض المغازي، فوافوا العدو، فظفر أبو هلال الخادم الراغبي بالمرلس أحد فرسان الروم، فأخذه أسيرًا، فعرفه المرلس نفسه وقال: أبق علي فأنا المرلس، فدفعه إلى بعض السواس أو المكارين وقال له: امض به إلى الأمير ثمل (٢) وعرفه انك أنت أسرته ليدفع إليك ما جرى الرسم بمثله في من أخذ أخيذًا. فلما فلما حصل عند ثمل قال له: من أسرك؟ قال: رجل خادم من حاله وعلامته، وجدته على فرس من شيته، والة ٍ وسلاح هو كذا وكذا، قال له ثمل: وما أخذك هذا السائس؟ قال: لا، فأذن فأذن ثمل للناس في المقام في ذلك المنزل، وكان إذا أقام العسكر في بلاد الروم بمكان نودي: ألا إن الأمير مقيم ليتسع الناس في الذبائح وغيرها من المآكل، ومن عرض له قبل الأمير مهم قصد في مضربه فقضى وطره. فلما أقام أتاه المسلمون بالتهنئة بالفتح وبالمظفر بالمرلس، والمرلس جالس بقرب ثمل مناجاته، فكلما دخل رجل للسلام قال له ثمل: أهذا الذي أسرك؟ فيقول: لا حتى جاء أبو هلال الراغبي فقام المرلس قائمًا، وسجد لأبي هلال تعظيمًا، قال لثمل: أيها الأمير هذا الذي أسرني، فقال أبو هلال: ما أعرف شيئًا مما تقول ولا هو أخيذي، فاستحلفه ثمل بحياته، فقال: نعم إلا أنه ليس من المروة أن يظهر الرجل حسن أفعاله، وإنما
_________
(١) بغية الطلب ٩: ٢١٢.
(٢) كان ثمل متولي الغزو في البحر منذ سنة ٣٠٦ وله عدة غزوات بحرية، ثم أصبح واليًا لطرسوس (انظر صفحات متفرقة من الجزء ٨ من تاريخ ابن الأثير) .
1 / 41