حتى صاروا إلى دار أمير المؤمنين بالثريا، فدخلوا عليه، وأمر أن يخلع على محمد أبن سليمان ويطوق بطوق ذهب ويسور بسوارين، وخلع على جميع القواد القادمين معه وطوقوا وسوروا وانصرفوا إلى منازلهم، وأدخل الأسرى إلى الحبس الجديد بمدينة السلام في الجانب الغربي منها.
فلما كان في يوم السبت لعشر بقين من شهر ربيع الأول بنيت دكة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي الذي تخرج إليه الثلاثة الأبواب ومن باب خرسان، تكسير ذراعها عشرون ذراعًا، وجعل لها أربع درج يصعد منها إليها، وأمر القواد جميعًا بحضور هذه الدكة، ونودي بذلك في الناس أن يحضروا عذاب القرامطة ففعلوا، وكثر الناس في هذا الموضع، وحضر القواد والواثقي المتقلد للشرطة بمدينة السلام، وحضر محمد بن سليمان، فقعدوا جميعًا عليها، وأحضروها وثلاثمائة ونيفًا وعشرين إنسانًا ممن كان اسر قديمًا ومن جاء به محمد بن سليمان، وأحضر القرمطي والمدثر فاقعدوا، نيف وثلاثون إنسانًا من هؤلاء الأسارى من وجوههم، فقطعت أيديهم وأرجلهم وضربت أعناقهم ثم قطع القرمطي فضرب مائتي سوط، ورش على الضرب الزيت المغلي وكوي بالجمر، ثم قطعت يداه ورجلاه وضربت عنقه، فلما قتل وانصرف القواد وأكثر الناس ممن حضر للنظر إلى عذاب القرمطي، وأقام الواثقي إلى وقت العشاء الآخرة في جماعة من أصحابه حتى ضرب أعناق باقي الاسارى، ثم انصرف. فلما كان يوم الأربعاء لست بقين من هذا الشهر، صير ببدن القرمطي إلى باب الجسر الأعلى من الجانب الشرقي فصلب هناك، وحفر لأجساد القتلى آبار إلى جانب الدكة فطرحوا فيها وطمت، فلما كان بعد أمر بدهم الدكة وتعفية أثرها، ففعل ذلك.
- ٥ - (١)
سنة ٢٩٣: قال ابن أبي الأزهر: وفيها ورد الخبر بأن أخا الحسين زكرويه المعروف بصاحب الشاملة ظهر بالبداية من طريق الفرات في نفر، واجتمع إليه
_________
(١) بغية الطلب ١: ١٣٧.
1 / 35