فإني سألت عنه أبا المحمدين فذكر لأن رجل من أهل الموصل، وأنه صار إلى الأمام بزعمه، فجعل يورق له ويسامره، ولم يعرف قبل ذلك الوقت، واخذ دليلًا وسار يريد الكوفة عرضًا من البرية، فغلط بهم الدليل الطريق، وأخرجهم بموضع بين الدالية والرحبة يقال له بنو محرز، فلما صاروا إلى بني محرز نزلوا خارج القرية في بيدر عامر فأخرجوا دقيقًا كان معهم في مزود واقتدحوا نارًا واحتطبوا ليخبزوا هناك، وكان وقت مغيب الشمس، فعلا الدخان، وأرتاب الموكلون ببني محرز من أصحاب المسالح بما رأوه، فأموا الموضع فلقوا الدليل، فعرفه بعضهم فقال: ما وراءك؟ قال: هذا القرمطي وراء الدالية، فشدُّوا عليهم فأخذوهم، وكتبوا إلى أبي خبزة وهو في الدالية يعلمونه بهذا، فأتاهم ليلًا فأخذهم وصار بهم إلى الدالية، وأخذ من وسط غلام له هميانًا فيه ألف دينار ومن وسط المدثر مثل ذلك، وأخذ الهميان الذي كان مع القرمطي، ووكل بهم في دارٍ بالدالية، وكتب إلى أحمد بن محمد بن كشمرد، وهوبالرحبة، يخبره، فأسرع السير اليهم، فلنا وافى احتبس القرمطي في بيت لطيف في مجنب الحيري. فحدثني بعض اهل الدالية قال: لما وافى ابن كشمرد سأل القرمطي: ماذا اُخِذَ منك؟ قال: ما أُخِذَ مني شيء، فقال له المطوق: أتبغي من الإمام ما لا يحسن منه الإقرار به؟ ودعا بالبزاز فأخذ ثيابًا، ثم دعا بالخياط ليقطع للقرمطي تلك الثياب، فقال الخياط للقرمطي: قمْ حتى أقدِّرَ الثوبَ عليك، فقال المطوق للخياط: أتقول يا أبن اللخناء للإمام قم؟ اقطع - ثكلتك أمك - على سبعة أشبار. وصار أبن كشمرد وأبو خبزة بالقرمطي إلى الرقة، ورجعت جيوش أمير المؤمنين بعد أن تلقطوا كل من قدروا عليه من أصحاب القرمطي في أعمال حمص ونواحيها.
وورد كتاب القاسم بن عبيد الله بأن القرمطي أُدخلَ الرقةَ ظاهرًا للناس على جملٍ فالج، وعليه برنس حرير ودراعة ديباج، وبين يديه المدثر والمطوق على جملين، في يوم الاثنين لأربع ليال من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين، حتى صير بهم إلى دار أمير المؤمنين بالرقة، فأوقفوا بين يديه، ثم أمر بهم فحبسوا، واستبشر الناس والأولياء بما هناه الله في أمر هذا القرمطي، وقرظ أمير المؤمنين
1 / 33