فيقال لهم بل قولكم أن فعله متوقف على غيره لأن الحوادث التي تحدث ليست ذاته موجبة لها لامتناع كون الذات القديمة الموجبة بذاتها لآثارها موجبة للحوادث فلا يكون ممكنا من فعل الحوادث إلا بشريك وأما القائلون بالحدوث فلهم قولان أحدهما قول من يقول الأول لم يزل فاعلا للحوادث شيئا بعد شيء فعلى هذا تكون ذاته مستلزمة للفعل مع كون الأفعال والمفعولات حادثة شيئا بعد شيء ليس فيها ما هو قديم ومن غير أن يكون له شريك وإذا كان فعله للثاني موقوفا على فعله الأول مع أنه هو فاعل للجميع لا يفتقر في ذلك إلى غيره لم يكن في ذلك مفتقرا إلى شيء غيره
والقول الثاني قول من يقول أنه فعل بعد أن لم يكن فاعلا فهؤلاء يقولون أنه فعل لمجرد قدرته أو لقدرته أو لمشيئته أو قدرته وداعيه لا يقولون أن فعله متوقف على موجود غيره وإذا قالوا أنه موقوف على انقضاء الأول لم يكن هذا الانقضاء مفتقرا عندهم إلى سبب وجودي فتبين أنهم على كل واحد من القولين أبعد عن الشرك من الفلاسفة
وهؤلاء الفلاسفة ليس معهم قط دليل يدلهم على قدم شيء من العالم ولا أن الخالق قارنه شيء من مخلوقاته ولكن غاية ما معهم أنه لم يزل فاعلا وإثبات نوع الفعل لا يستلزم إثبات فعل معين ولا مفعول معين
1 / 59