دور في شيء واحد وتسلسل في شيء واحد مثل أن يقال هذا لا يكون حتى يكون ولا يكون حتى يكون فإنه اعتبار نفسه شيء واحد وباعتبار تعدد الأكوان دور وتسلسل في أمور ثم إن جعل الكون الثالث هو الأول كان دورا وإن جعله غيره كان تسلسلا ولذلك إذا قيل لا يفعل حتى يفعل ولا يفعل حتى يفعل إن جعل الثالث هو الأول كان دورا وإن جعل غيره كان تسلسلا فهذا ممتنع بلا ريب وأما إذا قيل لا يفعل فعلا حتى يفعل فعلا آخر لم يكن نوع الفاعلية حادثا بل أعيانها وهذا فيه النزاع المشهور والفلاسفة تجوز مثل هذا وهو لا يستلزم قدم شيء من العالم ولا يلزم أن يكون تأثيره في شيء معين أزليا وقيل ثانيا أما كلام ابن سينا وأخوانه فباطل من وجهين أحدهما أن يقال له قولك يستلزم حدوث الحوادث بلا محدث لها فجواز حدوثها عن مؤثر قديم بلا سبب حادث إن كان باطلا فقولكم أبطل منه وإن كان قولكم ممكنا فهذا أولى بالإمكان فالقول الذي فررتم إليه شر من القول الذي فررتم منه إذ قولكم يتضمن أن المؤثر التام الأزلي صدرت عنه الحوادث بلا حدوث شيء فيه ولا منه مع كون المؤثر التام لا يتخلف عنه شيء من مفعولاته
الوجه الثاني أن يقال أن هذه الحجة إنما تتضمن أن الفاعل لم يزل فاعلا ليس فيها ما يدل على أنه علة تامة في
1 / 56