Visi Allah
رؤية الله تعالى بين العقل و النقل
Genre-genre
هذه نصوص أساطين اللغة الذين نقلوها إلينا بأمانة، وليس فيها ما يدل على تفسير الإدراك بالإحاطة ولا يمكن حمل اللحوق أو اللحاق عليها؛ لأن قول القائل: لحقت الجدار بيدي، لا يدل إلا على مماسته له وهو قول فصيح مقبول وضعا وعرفا، مع تعذر إحاطة اليد بالجدار، ومثل ذلك قولك: أنزلت الحبل في البئر حتى لحق الماء، وأمثلة ذلك لا تحصى، ولم أجد مرجعا لغويا فسر الإدراك بالإحاطة، وناهيك دليلا على خطأ هذا التفسير: عدم تقبل العرف والذوق لقول القائل في الحائط المحيط بالزرع: إنه مدرك له، ومثله قول القائل: بأن البيت مدرك لمن كان وما كان داخله مع العلم بأنه لا يماري أحد في إحاطته بما اشتمل عليه.
وإذا كان معنى{لا تدركه الأبصار} لا تلحقه، فإن مؤداه قطعا: أن القوى البصرية لا تصل إليه حتى يكون مرئيا لها، فإن البصر يطلق على الحاسة كما يطلق على آلة البصر وهي العين، وتمثيل صاحب الصحاح بقوله: (( عشت حتى أدركت زمانه )) شاهد على صحة ما قلته من التباين بين لفظي الإدراك والإحاطة، فإنه مما يدركه كل واحد، أن قائل ذلك لم يرد أنه عاش حتى أحاط بزمان من أضيف إلى ضميره الزمان من أوله إلى آخره، إذ لو كان ذلك هو المراد لما جاز لأحد أن يقول في أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أدرك زمانه عليه الصلاة والسلام إلا إذا كان ذلك الصحابي قد أحاط بزمانه صلى الله عليه وآله وسلم منذ الولادة إلى الوفاة.
ومن الشواهد الدالة على خطأ تفسير الإدراك بالإحاطة: أنه لا يختلف في صحة قول القائل فيمن وقع عليه سهم: أدركه السهم، ولو قال أحد: أحاط به السهم لما عد قوله عاقل إلا هذيانا.
وأصرح من هذه النصوص ما تقدم نقله عن شارح القاموس بأنه فسر الرؤية بإدراك المرئي.
وفي اللسان أيضا: (( والإدراك اللحوق، يقال: مشيت حتى أدركته، وعشت حتى أدركت زمانه، وأدركته ببصري: أي رأيته )).
Halaman 105