أحكام الاضطباع والرمل في الطواف
أحكام الاضطباع والرمل في الطواف
Penerbit
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Nombor Edisi
السنة السادسة والثلاثون العدد (١١٢) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
Genre-genre
قال الكاساني: “ وهذا قول عامة العلماء” ١. وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: “ الرمل في الطواف، ثلاثة أشواط، من الحجر الأسود، إلى الحجر الأسود، ويمشي أربعة أشواط. وكذلك قال أهل المدينة. وقالوا: وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا” ٢.
القول الثاني: إن الرمل إنما هو من الحجر الأسود، إلى الركن اليماني. فيمشي ما بين الركنين.
وهذا القول مروي عن: طاوس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعطاء، والحسن، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله ٣.
_________
١ بدائع الصنائع ٢/١٤٧.
٢ كتاب الحجة ٢/٢٧٨. وانظر: الموطأ، كتاب الحج، باب الرمل في الطواف ١/٣٦٤.
٣ انظر: المغني ٥/٢١٨، المبسوط ٤/١١، بدائع الصنائع ٢/١٤٧، فتح القدير ٢/٤٥٤.
تنبيه: سبق في الفرع الثاني، من المطلب الرابع: “مشروعية الرمل” بيان أن المروي عن هؤلاء التابعين: عدم مشروعية الرمل. وقد صرّح بذلك ابن عبد البر، فقال: “قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة وأصحابهم، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه: أن الرمل سنة..، وقال آخرون: ليس الرمل بسنة، ومن شاء فعله، ومن شاء لم يفعله. وروي ذلك عن جماعة من التابعين منهم: عطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن، وسالم، والقاسم، وسعيد بن جبير. وهو الأشهر عن ابن عباس” الاستذكار ١٢/١٢٧.
ونسبَتْ هذه المصادر لهم القول بالرمل من الحجر إلى الركن. وظاهر هذا أنهم يقولون بمشروعية الرمل، إلا أنهم يخالفون الجمهور في موضعه. وقد صرّح بذلك ابن الهمام في فتح القدير ٢/٤٥٤ فقال: “ذهب الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعطاء إلى أنه لا رمل بين الركنين. وذهب ابن عباس ﵃ فيما نُقل عنه إلى أنه: لا رمل أصلًا.
والتحقيق في هذا: أن المروي عن هؤلاء التابعين موافق لما ذهب إليه ابن عباس ﵃، فإن الأدلة التي استدل بها هؤلاء على الرمل من الحجر إلى الركن، هي نفس أدلة ابن عباس ﵃ على عدم مشروعية الرمل، فكلهم استدل بأحاديث طوافه ﷺ في عمرة القضية، إذ اقتصر في رمله من الحجر إلى الركن. فالصواب ما حكاه ابن عبد البر. والله أعلم.
1 / 264