Rocambole
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
Genre-genre
وجعل يقرأ عليه جميع ما كتبته الغادة الإسبانية.
وكانت خلاصة هذه الأوراق أن الفتاة أظهرت فيها أخلاق أبيها، وعزمه على أن تبقى ألقابه وأمواله منحصرة في أسرته، ولهذا فقد أراد تزويجها بالدون بادرو شقيق الدون جوزيف، ثم ذكرت أنها تهوى ابن عمها هذا، وأنه مريض منذ أربعة أعوام، وهنا أخذت تقص حكاية غريبة محصلها أن الدون جوزيف حسد أخاه الدون بادرو على خطبته لها وقرب تمتعه بأموال أبيها، فاتفق مع بدوية يهواها اسمها فاطمة دست السم لأخيه في الطعام، فأصيب على أثره بهذا الداء العياء، وقد ذكرت كيف وقفت على الدسيسة، فقالت إنها كانت جالسة في ليلة اشتد حرها تحت شجرة في حديقة قصر أبيها في إسبانيا، وبينما هي تستنشق النسيم من حفيف الأوراق، إذ سمعت صوت الدون جوزيف وفاطمة يتحدثان في تلك الحديقة دون أن يرياها، بشأن هذا السم وبدء أعراضه، فكانت تقول له فاطمة: طب نفسا، إن أخاك قد يعيش أربعة أعوام، ولكنه يعيش عليلا وتزداد علته في كل يوم إلى أن يتلاشى، فارتاعت الفتاة مما سمعت وأسرعت إلى ابن عمها، إلا أن الدون جوزيف حين رآها وعلم أنها سمعت حديثه مع فاطمة، انفرد بها وقص عليها قصة أفظع من هذه، وهي أن أباها الدوق قتل أخاه، أي والد الدون جوزيف قتلا سريا، وأن أباها لا يريد أن يزوجها بابن أخيه إلا ترضية له عما فعله بأبيه، ثم قال لها: إنك إذا بحت بسري بحت أنا بسر أبيك، فاختاري بين الفضيحتين.
ومما جاء في هذه الأوراق أن الدون بادرو حين رأى نفسه عليلا، وأن الأطباء عجزوا عن شفائه، التمس من عمه أن يزوج ابنته لأخيه الدون جوزيف، فأجابه الدوق إلى هذا الملتمس، وكان بينه وبين ابنته نزاع شديد أسفر عن اضطرار الفتاة إلى قبول الدون جوزيف زوجا لها بعد وفاة أخيه، وهي تعلل نفسها بأن تجد مخرجا لها من هذا الزواج الشائن، إلى أن علمت أخيرا بأن بادرو أصبح في حالة النزاع، وأنه لم يعد لها مناص من الزواج بهذا القاتل، فالتجأت إلى المركيز دي شمري وهي تؤمل أن يجد لها وسيلة تنقذها مما هي فيه.
هذا ملخص لأوراق الغادة الإسبانية، وكان روكامبول يتلوها معجبا بهذه الأسرار، وأندريا يصغي إليه أشد الإصغاء، حتى إذا أتم تلاوتها سأله: ماذا ترى؟
فكتب على اللوح الحجري يجيب: أرى أن يجب أن تقصر اهتمامك على اقتفاء أثر الدون جوزيف، والتربص له في كل مكان حتى تقف على جميع أسراره، فلا بد أن تكون حياته محاطة بالأسرار، ومتى تمكنت من الوقوف على شيء منها أسرع إلي وأخبرني. - وماذا أجيب الفتاة بعد تلاوة الأوراق؟ - اذهب إليها غدا في الوقت المعين، وأظهر لها أنك أهل لكتمان سرها وجدير بإعانتها، وانهج معها أحسن مناهج الاحترام.
فودعه روكامبول وولج إلى غرفته ونام نوم المطمئن، وفي الليلة التالية ذهب في الأجل المضروب إلى الحديقة، فلقيها تنتظره فبدأ معها بخطاب طويل أظهر لها فيه تأثره من مصابها وإكراه أبيها لها على زواجها برجل سفاك قاتل، ثم وعدها بأن ينقذها منه في أقرب حين، فأجفلت الفتاة وقالت: ألعلك تريد قتله بالمبارزة؟
فتنهد روكامبول وأجاب: أمجنون أنا فأقدم على قتله بمبارزة يتضح أمرها لجميع الناس، فتقصيني عنك؟
فتبسمت الفتاة وقالت: إني إذا كنت الآن بإخلاصي أحسن فتاة، فسأكون أحسن امرأة إذا نجوت من هذا القاتل. - اطمئني يا سيدتي، فلا يمر أسبوعان حتى يلقى جزاءه وتصبحين حرة مطلقة من عهود أبيك.
وإنما توغل بهذا الوعد لشدة ركونه إلى السير فيليام، واعتماده على قريحته الجهنمية، ثم قبل يدها باحترام وودعها وانصرف.
7
Halaman tidak diketahui