Risalah dalam Teologi dan Politik
رسالة في اللاهوت والسياسة
Genre-genre
لما كان حب الله هو سعادة الإنسان القصوى ونعيمه والغاية الأخيرة لجميع الأفعال الإنسانية وهدفها،
9
فإن ذلك الذي يجعل همه حب الله لا خوفا من عذابه، ولا طمعا في شيء آخر كاللذات او الشهوة بل لمجرد كونه يعرف الله، أي لأنه يعلم أن الخير الأقصى في معرفة الله وحبه . ذلك وحده هو الذي يتبع القانون الإلهي.
10
وإذن، فالقانون الإلهي يتلخص كله في قضية واحدة: هي حب الله باعتباره خيرا أقصى، وذلك، كما قلنا، لا خوفا من عذاب أو عقاب أو طمعا في شيء آخر نرغب في الاستمتاع به. وإذن فالدرس الذي تعلمنا إياه فكرة الله هو أن الله خيرنا الأقصى، وبعبارة أخرى فإن معرفة الله وحبه هي الغاية القصوى التي ينبغي أن تتجه إليها جميع أفعالنا. على أن الإنسان الغارق في لذات الجسد لا يستطيع أن يعلم هذه الحقيقة، بل وتبدو له عبثا لأنه ليس لديه معرفة كافية بالله، ولأنه لا يجد في هذا الخير الأقصى شيئا يستطيع أن يلمسه أو يأكله أو يؤثر في جسده الذي يبحث عن أعظم قدر من لذاته، ما دام هذا الخير الأقصى ينحصر في التأمل والتفكير الخالص. أما من يعترفون بأن أنفس ما لديهم هو الذهن وصفاء الروح فإنهم يرون هذه الحقيقة راسخة أشد الرسوخ. وهكذا، بينا ما هو القانون الإلهي وما هي القوانين التي تعد إنسانية: فهي تلك التي ترمي إلى غاية أخرى، ما لم يكن الوحي قد حددها، لأن الالتجاء إلى الوحي هو أيضا طريقة لإرجاع الأشياء إلى الله (وقد أشرنا إلى ذلك من قبل)، وبهذا المعنى، يمكننا أن نسمي شريعة موسى قانونا إلهيا
11
لأننا نعتقد أنها قد أقيمت على أساس من النور النبوي، مع أن هذه الشريعة لم تكن شاملة، وكانت مهيأة بحيث تلائم التكوين الخاص لشعب بعينه، وتهدف إلى المحافظة عليه. فإذا نظرنا الآن إلى طبيعة القانون الإلهي فإننا نلحظ: (1)
إنه شامل، أي إنه يعم الناس جميعا، لأننا قد استنبطناه من الطبيعة الإنسانية منظورا إليها في طابعها الكلي الشامل. (2)
وإنه لا يتطلب أن نصدق بروايات تاريخية، أيا كان مضمونها، ذلك لأنه لما كان هذا القانون الإلهي الطبيعي يعرف عن طريق تأمل الطبيعة البشرية وحدها، فمن المؤكد أننا نستطيع أن نراه في آدم أو في أي إنسان آخر، في إنسان يعيش بين الناس أو في إنسان يعيش منعزلا، ولا يستطيع تصديقنا بالروايات التاريخية - حتى ولو كانت تنطوي على يقين - أن يعطينا معرفة الله، وبالتالي لا يستطيع أن يعطينا حب الله؛ إذ ينشأ حب الله من معرفته، ومعرفة الله يجب أن تنشأ من أفكار مشتركة، يقينية معروفة بذاتها. فمن المحال إذن، أن يكون تصديقنا بالروايات التاريخية شرطا لا نستطيع بدونه أن نصل إلى الخير الأقصى. ومع ذلك، فإذا كان الإيمان بالروايات التاريخية لا يستطيع أن يعطينا معرفة الله وحبه، فإننا لا ننكر أن قراءتها مفيدة للغاية
12
Halaman tidak diketahui