أشده صبرا وتحملا لإذاية الإخوان والأحباب خصوصا في السفر وهو الذي يؤدي حقوق الأخوة فيشاطر بالمال غير ما مرة إخوانه أولى من نفسه وهو معي بأزيد من هذا بحيث لا يملك لجانبا شيئا ومن كان معنا في الرفقة كان في داره ذهابا وإيابا وكذا ما معنا من العيال والدواب كل ذلك في عياله وأوصافه تقصر العبارة عنها لكن التلويح يغني عن التصريح نعم الكل شمل واحد وأمر الجميع متحد ومهما عزمت على شيء ووصلت إليه ذهب من غير موادعة ولا كلام منه إلى ولا مني إليه في جميع ما حتجت إليه فحزمت وجزمت وجزم أن قرابتي وقرابته أيد الله الجميع بالتمكين وحلى جميعنا بحلية المتقين وودعنا من في المدينة من العلماء والصلحاء لا أحصيهم عددا إذ كثير من يحبنا لا أعرف أسماءهم وأما في المنشية فأكثر من أن يحصى هذا وإن أهل الصلاح بالمنشية والساحل والهنشير وأفرون بحيث من فيه قوة الشم يعلمهم بنفس رؤيتهم إلا من أصابه زكام المعاصي وتراكمت عليه الحجب فلا يظهر له أحد وقد قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه المرء مخبوء تحت لسانه إن تكلم فمن حينه وإن سكت فمن يومه اه أي إذا تكلم عرف حاله من كلامه إذ ما كان فيك ظهر على فيك كل إناء بما فيه يرشح إن عسلا فعسل وإن خمرا فخمر وإن سكت فمن يومه أعرفه من أفعاله كحركاته وسكناته إذ كل ذلك لا بد وأن يكون موافقا للسنة المحمدية إذ لا يجوز للإنسان أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه ولا شك أن كل حركة وسكون يصدر منك إلا وأنت مسئول عنه لم تحركت ولم سكنت وبالجملة فأهل هذا الوطن خيرهم ظاهر وحملهم بين وحبهم لأهل الله قوي .
ولما خرجنا من دار أخينا في الله والود من أجله سيدي محمد الشريف اجتمعت الشرفاء صغيرا وكبيرا وكذا جيرانهم وغيرهم من أهل الخير كالسوق وأعظم محبة في الله ورغبة فيما عنده [فكنا في التوديع من صبيحة ذلك اليوم حتى ارتفعت الشمس
Halaman 211