من المدينة وسيدي محمد المحفوظ وغيرهم وأما العامة فنحو الثلاثمائة والحمد لله لم يمكثوا في البحر إلا اثني عشر يوما ونزلوا الإسكندرية عند الحاج أبي القاسم القراوي صاحب ولاية طرابلس إذ زبر له الأمير كتاب على ذلك فأكرمهم وأحسن إليهم جازاه الله أحسن الجزاء آمين وبالجملة فكان الإحسان من الأمير وعماله لنا ولأخواننا في الركب وللفقراء فكل ما سألناه وطلبناه لهم منهم إلا وجد بحب وكرامة رغبة في صالح الدعاء له ولذريته حتى انفصلنا عنها على أحسن حال وأكثر فرحي بهذا الأمير لما قام بحق الفقراء نعم أقام جماعة من بلد المنشية مع عامله القائد يحرسون الركب ليلا من السراق إلى أن ظعنا من عندهم وما فعله قط بركب من الأركاب إلا لنا حبا فينا ورغبة فيما لدينا شكر الله سعيه ولا خيب قصده وأدام الستر عليه وعلى أولاده إلى قيام الساعة مع عدم الضد ووجود الهداية والشفقة والعدل والرحمة لأنفسهم وللمؤمنين كان الله لنا ولهم وليا ونصير وقد أحسن إلينا جميع المحبين كل الإحسان بحيث أن من لم يصدر منه ضيافة تمنى أن يضيفنا أحسن الله إليهم لا سيما سيدي محمد بن مقيل وأصحابه وأما العارف بالله الذي علمه الله العلم اللدني فانه يفهم الدقائق من الحقائق والمعاريف (1) إذا لهم لطلب كل داء في الدين فلا يغفل طرفة عين عما يصلح به وبأحبائه حتى يكونوا على المحجة البيضاء يعلم ذلك من ثافنه وخالطه وأني صاحبت كثيرا من الناس غربا وشرقا وجوفا وقبلة ما رأيت من يفهم عن الله مثله فانه له ملكة عظيمة يفهم بها المعاريف (2) الإلهية حاصله قد فتح الله له في التعرف ما لم يكن لغيره ومع ذلك ليس قاصرا في العلم الظاهر فترى معاملته ومخالطته ليس إلا على الشريعة المحمدية ومع هذا لا يغفل عن المواساة لمن يعرفه ومن لا يعرفه خصوصا المحتاج فإنه أزيد رحمة وأقوى شفقة وأحسن رفقة وما
Halaman 210