شهرا لا يقدر منهم على شيء فخرج رجل من بني مدلج ذات يوم من عسكر عمرو يتصيد في سبعة نفر فمضوا غربي المدينة فاشتد عليهم الحر فأخذوا راجعين على ضفة البحر وكان البحر لا صقا بالمدينة ولم يكن بين البحر والمدينة سور وكانت سفن البحر شارعة في مرساها إلى بيوتهم فنظر المدلجي وأصحابه فإذا البحر قد غاص من ناجية المدينة فدخلوا منه حتى أتوا من ناحية الكنيسة فكبروا فلم يكن للروم مفزع إلا إلى سفنهم وأقبل عمرو بجيوشه حتى دخل عليهم فلم يفلت الروم إلا بما خف عليهم في مراكبهم وغنم عمرو ما كان بالمدينة وسور المدينة مما يلي البحر غير أصل إنما بناه هرثمة بن أعين في حين ولايته القيروان وبعث عمرو بن العاص إلى ودان بشر بن أرطأة وهو محاصر طرابلس فافتتحها وذلك سنة ثلاث وعشرين وأكثر معيشة أهل ودان التمر ولهم زرع يسقونه بالنضح وافتتح عمرو بن العاص نفوسة وكانوا نصارى وأم قرى جبل نفوسة شروين مدينة كبيرة آهلة جليلة وبين طرابلس ومدينة شروين خمسة أيام وبينهما حصن لبدة من بنيان الأوائل بالأجر والحجر حوله آثار عجيبة وخرائبي كثيرة يسكن هذا الحصن قوم من المغرب حماتهم نحو الألف فارس وهم محاربون لجميع من يحاربهم من قبائل البربر أزيد من عشرين ألفا بين راجل وفارس وظاهرون عليهم وفي وسط جبل نفوسة النخيل والزيتون الكثير والفواكه ويجتمع فيما حوله من القبائل ستة عشر ألف رجل وطول جبل نفوسة من المشرق إلى المغرب ستة أيام اه كلامه مع بعض اختصار وتغيير وفي رحلة أبي سالم العياشي وهي مدينة مساحتها صغيرة ، وخيراتها كثيرة ، ونكايتها للعدو شهيرة ، ومآثرها جليلة ، ومعائبها قليلة ، أنيقة البناء ، فسيحة الفناء ، عالية الأسوار ، متناسبة الأدوار ، واسعة طريقها ، سهل طروقها ، إلى ما جمع لأهلها من زكاء الأوصاف ، وجميل الإنصاف ، وسماحة على المعتاد زائدة ، وعلى المتعاقبين بأنواع المبرة عائدة ، لا تكاد تسمع من واحد من أهلها لغوا إلا سلاما ، ولو لمن استحق ملاما ، لا سيما مع
Halaman 183