Tarikh al-Banakti
تأريخ البنكتي
Genre-genre
لا تقل هراء واشهد، فلم يكتب أبو حنيفة، فقال الغلام: كتب العلماء، ثم قال أبو حنيفة: (لها ما كسبت)، فأوصلوا هذا الكلام إلى سمع الخليفة، فأمر بإحضار الشعبى؛ فسأله الخليفة هل تجب الرؤيا فى الشهادة؟، فقال الشعبى: نعم، فقال الخليفة: أين رأيتنى حتى كتبت الشهادة؟، فقال الشعبى: لم أستطع أن أطلب مشاهدتك، وعرفت أنها جاءت بأمرك، فقال الخليفة: هذا الكلام بعيد عن الحق، وهذا الشاب أولى بالقضاء منك، وبعد ذلك اختار الخليفة أربعة أشخاص من فحول العلماءهم: أبو حنيفة، وسفيان الثورى، وشريك بن عبد الله، ومشعر بن حرام، وطلب منهم أن يمضوا فى الطريق الذى يسلكونه، فقال أبو حنيفة: أرى فيك فراسة، قالوا: قل، قال: أتخلص من هذا القضاء بكل كيفية، ويهرب سفيان، ويجعل مشعر نفسه مجنونا ويصبح شريك قاضيا، فهرب سفيان فى الطرق، وقال: اخفونى؛ لأنهم يريدون قطع رأسى، وبتأويل هذا الخبر الذى قال فيه الرسول (عليه السلام): من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين 37، فأخفوه وأحضروا هؤلاء الثلاثة عند الخليفة، فقال لأبى حنيفة: ينبغى أن يكون القضاء لك، قال: أيها الأمير أنا لست رجلا من العرب بل من مواليهم، فإن سادات العرب لن يرضوا بحكمى، فقال جعفر البرمكى: لا يتعلق هذا الأمر بنسبك، والعلم ينبغى للقضاء، فقال أبو حنيفة: لست جديرا بهذا العمل إذا قلت حقا فلن أليق به، وإذا قلت الكذب فلا ينبغى أن يكون الكاذب قاضيا للمسلمين. يا خليفة الله، لا تجز للكاذب أن يكون خليفة لك، وأن تكون ثقتك وثقة المسلمين فيه، قال هذا وتخلص، وتقدم مشعر وأمسك بيد الخليفة، وقال: كيف حالك؟، وحال الأبناء والنساء؟، فقال الخليفة: أخرجوا هذا المجنون وأسندوا القضاء لشريك، فقاطعه أبو حنيفة ولم يتحدث معه قط.
وفى سنة خمسين ومائة توفى أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن خديج المكى مولى خالد بن أسد، وكان فى السبعين من عمره، وأبو عبد الله بن إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة بن بنى عبد المطلب، وفى سنة أربع وخمسين ومائة توفى أبو عمرو البصرى القارئ، وهو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحسين بن جهم بن الخزاع بن مالك بن عمرو بن تميم، وكان اسمه ريان، ويقال: يحيى، وكان فى السادسة والثمانين من العمر فى الكوفة، وفى سنة ست وخمسين ومائة توفى أبو عمارة حمزة بن حبيب بن إسماعيل الزيات الكوفى القارئ فى حلوان، وفى سنة تسع وخمسين ومائة توفى أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعى وهو من أهل الشام.
Halaman 151