============================================================
عناه طويل، ونصب شديد، لبعد مكانهم، وقد ثبتت دعواهم ولست أتخلى عن النظر حتى أحكم لهم . فرجع الفتى وأدى ماقال إلى الأمير - رحمه الله - فجعل العباس يغريه، ويقول له : قد أعلت الأمير باستخفافه، وأنه يرى أن الحكم له لاللأمير. فصرف الأمير الحكم - رحمه الله - الفتى إليه، يقول له : لابد أن تكف عن النظر بينهم ، وأن اكون أنا الناظر فى ذلك . فلما عاد الفن إلى مصعب بذلك من عند الأمير، أمره بالقعود، ثم أخذ كتابا فعقد حكه للقوم بالضيعة، ثم نفذه بالإشهاد فيه، ثم قال للفتى: اذهب فأعلمه أنى قد أنفذت مالزمشى إنفاذه من الحق، فإن أراد ان ينقضه فذلك إليه يتقلد منه ماشاء . فذهب الفتى خرف كلام القاضى، ونقل عنه إلى الأمير أنه قال : قد حكت بحكم العدل فينقضه الآمير إن قدر . فأطرق الأمير الحكم - رحمه الله - وجعل العباس يغريه ويوقد غضبه، وثاب إلى الحكم من توفيق الله وعصمته، التى اكتنف(1) بها خلفامه، ماصار به إلى ماهو آشبه بخلافته، وأليق يامامته، فقال للعباس : ما أشقاه من لطمه قلم القاضى !
ثم رجع إلى ماكان فيه، ولم يعرض للقاضى، ونفذله حكه.
وذكر بعض أهل العلم ، قال : اعتل مصعب في ضيعته. فكشف عنه الأمير الحكم - رحمه الله - فذكرت له علته، فخرج متنزها إلى جهة المدور(2)، فقصده إلى داره ونزل عليه فى منزله، فقال له مصعب : إن الأمير أعزه (1) اكقنف : احاط (2) انظر الحاشية (رقم: 2، ص: 17)
Halaman 70