Kisah Falsafah Yunani
قصة الفلسفة اليونانية
Genre-genre
Thales
624ق.م-550ق.م (تقريبا)
أرسل الإنسان بصره إلى الكون يستطلع تلك المادة التي تتكون منها الأشياء جميعا، والتي ترتد إليها الأشياء جميعا، وإذا التمس الفكر الإنساني مادة تكون أصلا لكل ما يشمل الوجود من ظواهر، فلن يصادف إلا عددا قليلا من ألوان المادة التي يجوز عقلا أن تكون كذلك؛ إذ لا بد لتلك المادة الأولية المنشودة أن تكون مرنة شديدة المرونة في قابليتها للتشكل في صور مختلفة، وألا تكون محدودة الصفات محصورة الخواص حتى تتسع لكل شيء، أفلا تستطيع أن تحزر ماذا تكون تلك المادة الأولية عند قوم يتاخمون البحر، فترسخ في نفوسهم صورته، ويدوي في أسماعهم هديره كلما أمسى مساء أو أصبح صباح؟ إنها الماء! فليس عجيبا إذن أن ينهض طاليس، أول فيلسوف عرفته الدنيا وأجمع على فلسفته المؤرخون، ويجهر بأن الماء هو قوام الموجودات بأسرها، فلا فرق بين هذا الإنسان وتلك الشجرة وذلك الحجر إلا اختلاف في كمية الماء الذي يتركب منها هذا الشيء أو ذاك، أليس الماء يستحيل إلى صور متنوعة فيصعد في الفضاء بخارا، ثم يعود فيهبط فوق الأرض مطرا، ثم يصيبه برد الشتاء فيكون ثلجا؟ وإذن فو غاز حينا، وسائل حينا، وصلب حينا، وكل ما يقع في الوجود لا يخرج عن إحدى هذه الصور الثلاث.
كان الماء عند طاليس هو المادة الأولى التي صدرت عنها الكائنات وإليها تعود، وقد ملأ عليه الماء شعاب فكره حتى خيل إليه أن الأرض قرص متجمد، يسبح فوق لجج مائية ليس لأبعادها نهاية، ويرجح أرسطو أن يكون طاليس قد خلص إلى هذه النتيجة لما رأى أن الحياة تدور مع الماء وجودا وعدما، فتكون الحياة حيث الماء وتنعدم حيث ينعدم.
تلك خلاصة موجزة لرأي طاليس في نشأة الكون، وقد كان عالما بالرياضة، عالما في الفلك، حتى قيل إنه تنبأ بكسوف الشمس الذي حدث سنة 585ق.م قبل وقوعه، وقيل أيضا إنه علم المصريين كيف يقيسون ارتفاع الهرم بواسطة ظله، وإنه ابتكر طريقة لمعرفة أبعاد السفن من الشاطئ بالوقوف على نشز عال من الأرض، ولكنه في الفلسفة لم يؤثر عنه إلا هذان المبدآن: الكون يتألف من ماء، والأرض قرص يسبح فوق ماء!
وإذا كانت هذه الفكرة الساذجة هي كل إنتاجه الفلسفي، فكيف جاز لنا أن نحشره في زمرة الفلاسفة، بل نجمع على أنه أبو الفلسفة ومنشئها؟
2
ولكنك إن كنت تستطيع أن تنكر على الفلسفة المائية خطرها وقدرها، فلن تنكر على طاليس أنه أول إنسان حاول أن يفسر الكون، لا بالأساطير ولا بقوى الآلهة المتعددة التي اتخذها أسلافه، بل على أساس علمي، وسواء فشلت محاولته أم لم تفشل، فهي المحاولة الفلسفية الأولى على كل حال، ولم تطالب طاليس أن يأتيك بتعليل صحيح للكون؟ ألا يكفيك أنه أثار المشكلة لخلفه؟ ألا يكفيك أنه وضع الأساس فجاء من بعده يقيمون البناء عليه؟ ثم ألا يكفيك أنه طبع الفلسفة طابعا خاصا ظل يلازمها إلى عهد سقراط؟ نعم، هو أول من أدرك أن هذه الكائنات المتباينة لا بد أن تكون قد صدرت عن أصل واحد، ثم أخذ يبحث عن ذلك الأصل، فشق بذلك الطريق، وأخذت الفلسفة تدور حول هذه المشكلة وتجيب عن سؤاله: رأى طاليس أن الماء أصل الوجود، وقال أنكسمندر: بل هو مادة لا تحدها حدود، وأعلن انكسمينس أنه الهواء، وذهب الفيثاغوريون إلى أنه العدد، وأجاب هرقليطس بل هو النار، ورده إمبذوقليس إلى عناصر أربعة، وقال ديمقريطس: إنه ذرات ... وهكذا لبث الفلاسفة يقتفون أثر زعيمهم طاليس في جوهر البحث وأساسه، وإذن فطاليس هو الذي صبغ الفلسفة فيما قبل سقراط بتلك الصبغة المادية التي عرفت بها، وحسبه ذلك خطرا. (2) أنكسمندر
Anaxemander
611ق.م-547ق.م (تقريبا)
Halaman tidak diketahui