قلت: «بل أعبدك. وأنا في طاعتك ما أمسكتني. لكني لن تأتي معي أمرا أخجل منه أمام أبي، وإن كان حلالا لي!»
وعبثا حاول أن يصرفني عن عزمي، فلما بدا له اليأس مني، تركني وانصرف، ولم أره إلا الغداة! •••
لم أدر ماذا حدث بعد ذلك بين أبي وأمي، ويبدو أنها بالغت في الإلحاح عليه بضرورة انتقالي إلى بيت زوجي وأنه كان أشد منها إلحاحا في ضرورة تطليقي. وبلغ الجدال بينهما في هذا الأمر أشده، حتى لقد اتهمته أمي بأنه يكرهني ويكره إخوتي منها، وأنها لم يبق لها طاقة بالمقام في بيتها لهذا السبب!
وأقسمت إنها ستغادر هذا البيت إلى بيت أخيها بعد ظهر اليوم نفسه، وأقسم أبي يمينا إن هي فعلت كانت طالقا ثلاثا.
ومست هذه اليمين صميم الكرامة من نفس أمي، فجمعت متاعها، وغادرت البيت، وأوقعت بذلك يمين الطلاق الثلاث!
لست أدري كيف غامرت أمي بإيقاع هذه اليمين، وهي تعلم أنها لا إيراد لها، وأن أخاها كثير العيال فلا يستطيع النفقة عليها؟
وانقضت أسابيع بعد ذلك، وأبي في حيرة من أمره. يريد أن يطلقني ولا يهتدي إلى الوسيلة التي يقنع بها زوجي ليطلقني!
وأخيرا، صارح أبي هذا الخال العزيز بأن ابنة أخته المتوفاة هي التي كانت تعارض في زواجي من خالها، وأنه وعدها - وهي على سرير موتها - بأن هذا الزواج لن يتم، وأنه يرغب إليه، بل يرجوه بل يتوسل إليه، أن يطلقني احتراما لوصية ابنة أخته!
ومس هذا الكلام قلب زوجي، لكنه لم ير أن يفصم عروة الزواج من تلقاء نفسه، بل قال: أنا لا أطلقها إلا إذا قالت إنها لا تريد البقاء على ذمتي!
ولم يرد والدي أن يخاطبني في هذا الأمر، بل رغب إلى خالي في أن يخاطبني فيه. وقلت لخالي إنه يطلب إلي المستحيل، فأنا لا أستطيع أن أكذب على الله فأزعم أنني لا أريد البقاء على ذمة زوجي. فلما ألح خالي، قلت في غضب وعصبية: إنني أوثر أن أنتحر على أن أجيبك إلى ما يريده والدي.
Halaman tidak diketahui