ووعدها أسعد أن يخاطب خالها في تحديد يوم العقد عند أول فرصة تسنح لذلك، لكنه أخذ يبتدع المعاذير عند تردد خالها، ثم ذكر لها أن خالها رضي بالزواج وأنه سيكتب إلى أمها لتحضر العقد!
وفي أثناء ذلك أيقنت زهرة أنها حامل فزفت النبأ إلى أسعد، وألحت عليه أن يعقد القران ولا ينتظر حضور أمها!
وكان أسعد كاذبا في كل ما قال ... فهو لم يخاطب خالها في شيء ، ولم يكتب خالها بطبيعة الحال إلى أمها لتحضر عقدا لا يعلم أيهما عنه شيئا!
وكان أسعد كاذبا كذلك يوم ذكر لها أنه سيتزوجها! فهو إنما أراد أن ينتقم لغروره من كبريائها يوم صدته بعنف أول ما غازلها. فلما طلبت إليه أن يعجل بعقد قرانهما ولو لم تحضر أمها، عاد يختلق المعاذير، ثم أخذ ينقطع عنها. ثم علمت أنه خطب فتاة غنية من بنات الإسكندرية. عند ذلك سقط في يدها، وأيقنت أنها سقطت في مهواة، تبيح لأهلها أن يقتلوها تخلصا من عارها!
وماذا تفعل؟! لقد ذرفت الدمع سخينا ليالي طوالا، لكن الدمع لن يرد أسعد إليها، ولن يرفعها من الوهدة التي تردت فيها.
ليس أمامها إلا أحد طريقين: إما أن تنتقم من أسعد، وإما أن تنتحر! ولكن كيف تنتقم منه؟ أوليس خيرا لو أنها سعت إليه، لعله يعدل عن الزواج الذي سمعت به فيعود إليها؟ ذلك أمر بعيد الاحتمال، ولكن ما لها لا تجربه؟
واستقر في نفسها ذلك العزم، فاختارت ساعة من النهار، حسبت أنها تلقاه في أثنائها في بيته. وذهبت إلى هناك، ودخلت إليه. فلما رآها أقبل عليها إقبال العاشق على معشوقته، فاتحا ذراعيه ليعانقها ويقبلها. وما إن رأت ذلك منه حتى أجفلت وتراجعت وقالت: جئتك أستنجزك وعدك بزواجنا، فأنت تعلم أن أهلي في الصعيد يقتلونني لا محالة إذا لم نتزوج بعد الذي كان!
وأجابها أسعد بابتسامة ساخرة: ليتني أستطيع! فأنت لا ريب تعلمين أنني خطبت، ولا أقدر أن أتزوج اثنتين.
قالت: «لكنك وعدتني بالزواج قبل أن تخطب.»
وأجابها: «وهل يصح للفتاة الشريفة المتعالية، المعتزة بكبريائها، أن تسلم نفسها قبل أن يعقد زواجها؟ ذلك يا فتاتي هو ما حملني على أن أخطب بعد الذي كان، فإن من تبيح عرضها بكرا لا تؤمن عليه ثيبا. ومن لي وقد دنست طهر بكارتك ألا تدنسي فراش الزوجية؟!»
Halaman tidak diketahui