40

Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam

قواعد الأحكام في مصالح الأنام

Penerbit

مكتبة الكليات الأزهرية

Lokasi Penerbit

القاهرة

Genre-genre

Fikah
Kaedah Fiqh
لَوْ جَرَحَ أَحَدُ الْجَانِيَيْنِ جُرْحًا وَاحِدًا وَجَرَحَ الْآخَرُ مِائَةَ جِرَاحَةٍ، أَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا أُنْمُلَةً وَاحِدَةً وَقَطَعَ الْآخَرُ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ وَالْأَنَامِلِ، فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُمَا يَتَفَاوَتَانِ فِي عُقُوبَةِ الْآخِرَةِ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي تَعَدُّدِ الْمَعْصِيَةِ وَعِظَمِ الْجُرْأَةِ، مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْقِصَاصِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ذَبَحَ الْجَانِي رَجُلًا أَوْ قَطَعَ الْجَانِي الْآخَرُ رَجُلًا إرْبًا إرْبًا حَتَّى مَاتَ، فَإِنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الْعُهْدَةِ الْعَاجِلَةِ، وَيَتَفَاوَتَانِ فِي الْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ لِعِظَمِ. الْجُرْأَةِ، وَتَعَدُّدِ الْمَعْصِيَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَاتِّحَادِهَا فِي الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْمَثُلَةِ أَعْظَمُ وِزْرًا مِنْ الذَّبْحِ وَقَطْعِ الرَّقَبَةِ. فَإِنْ قِيلَ هَلْ يُحَرِّمُ الرَّبُّ مَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَدْ يُحَرِّمُ الرَّبُّ مَا لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ عُقُوبَةً لِمُخَالَفَتِهِ وَحِرْمَانًا لَهُمْ أَوْ تَعَبُّدًا. أَمَّا تَحْرِيمُ الْحُرُمَاتِ، فَكَمَا حَرَّمَ عَلَى الْيَهُودِ كُلَّ ذِي ظُفْرٍ، وَكَمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الثُّرُوبَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، عُقُوبَةً لَهُمْ لَا لِمَفْسَدَةٍ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ لَمَا أَحَلَّ ذَلِكَ لَنَا مَعَ أَنَّا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٤٦]، وَبِقَوْلِهِ: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: ١٦٠] . وَأَمَّا تَحْرِيمُ التَّعَبُّدِ فَكَتَحْرِيمِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ، وَالدَّهْنِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ، فَإِنَّهَا لَمْ تُحَرَّمْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهَا تَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا، بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ أَوْصَافِهَا، وَصَارَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرَّمْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ بِهِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ. [فَصْلٌ فِي انْقِسَامِ الْمَصَالِحِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ] فِي انْقِسَامِ الْمَصَالِحِ إلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ الْمَصَالِحُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا وَاجِبُ التَّحْصِيلِ، فَإِنْ عَظُمَتْ الْمَصْلَحَةُ وَجَبَتْ فِي كُلِّ شَرِيعَةٍ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْدُوبَةُ التَّحْصِيلِ، الثَّالِثُ مُبَاحَةُ

1 / 42