Qawaid al-Ahkam fi Masalih al-Anam
قواعد الأحكام في مصالح الأنام
Penerbit
مكتبة الكليات الأزهرية
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
Usul Fiqh
وَلَا تَكْفِيرَ.
وَأَمَّا تَفَاوُتُ حَدَّيْ زِنَا الْبِكْرِ وَالْمُحْصَنِ، فَفِيهِ إشْكَالٌ يَسَّرَ اللَّهُ حَلَّهُ.
فَإِنْ قِيلَ لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي الْحُدُودِ مَعَ تَسَاوِيهِمْ فِي الْجَرَائِمِ وَتَحْقِيقِ الْمَفَاسِدِ؟ قُلْنَا: تَعْذِيبُ الْأَمَاثِلِ عَلَى الْإِسَاءَةِ أَشَدُّ مِنْ تَعْذِيبِ الْأَرَاذِلِ؛ لِأَنَّ صُدُورَ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُمْ مَعَ الْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ أَقْبَحُ مِنْ صُدُورِهَا مِنْ الْأَرَاذِلِ. أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ، ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: ٣٠]، وَإِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا﴾ [الإسراء: ٧٤] ﴿إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ [الإسراء: ٧٥]، وَإِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ﴾ [الحاقة: ٤٤] ﴿لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾ [الحاقة: ٤٥] ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة: ٤٦] . وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِمَا يَجِبُ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ الْمُفَضَّلِ مِنْ شُكْرِ إحْسَانِ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ، فَإِذَا قَابَلَ إحْسَانَهُ بِعِصْيَانِهِ، كَانَ ذَلِكَ أَقْبَحَ مِنْ عِصْيَانِ غَيْرِهِ. وَلِذَلِكَ قَبُحَتْ مَعْصِيَةُ الْوَالِدَيْنِ وَعُقُوقُهُمَا لِمَا يَجِبُ مِنْ شُكْرِ إنْعَامِهِمَا بِتَرْبِيَتِهِمَا، أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان: ١٤] وَلَوْ سَبَّ الْوَزِيرُ الْمِلْكَ بِمِسَبَّةٍ سَبَّهُ بِهَا السَّائِسُ لَاسْتَحَقَّ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، وَلَمْ يُسَوِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّائِسِ لِأَجْلِ الْإِنْعَامِ عَلَيْهِ، وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ سَوَّيْتُمْ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ وَقَتْلِ الْمُحَارِبَةِ؟ قُلْنَا: سَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِ الْقَطْعِ وَالْقَتْلِ.
فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَسْتَوِي إثْمُ الذَّابِحِ، وَإِثْمُ مَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ إنْسَانٍ فَسَرَتْ إلَى نَفْسِهِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالدِّيَةِ وَالْقِصَاصِ، وَيَتَفَاوَتَانِ فِي الْعُقُوبَةِ الْآجِلَةِ؛ لِأَنَّ جُرْأَةَ الذَّابِحِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ فِي الذَّبْحِ أَشَدُّ مِنْ جُرْأَةِ الْقَاطِعِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ فِي الْقَطْعِ.
وَكَذَلِكَ
1 / 41