52

Abad Kesembilan Belas

القرن العشرون

Genre-genre

إن الناسلات أو الجنيات

Genes

التي يتكون منها النوع الإنساني كله توضع في فنجان صغير يحتوي كل ما في هذا النوع من القوى الكامنة والخصائص المميزة والموروثات الباقية في وظائف الأعضاء وفي الأذهان والطوايا الخفية: يحتوي من جراثيم التكوين كل ما توزع من الملكات والأخلاق في أكثر من ألفي مليون من أبناء الأمم الأحياء يتوارثون ملكاتهم وأخلاقهم من أضعاف هذه الملايين في مئات القرون، فلماذا بقي من معنى الامتداد القديم؟ وأين مسافات الفضاء أو مسافات الزمن في هذه المقاييس والمقادير؟ وأين يذهب بنا التجريد المفروض وراء هذه الخفايا التي لا تؤخذ باليد ولا بالفكر إلا مع التسليم والاعتراف في النهاية بالعجز والقصور، وإذا كان جزء من ثلاثة آلاف مليون جزء محتواة في فنجان صغير يحفظ جرثومة الطبائع والأفكار والأعضاء في إنسان عظيم أو صغير، فماذا بقي من المعجزات للذين يتحدثون عما وراء الطبيعة، وما وراء المادة وما وراء العقل والعيان؟ وأين هو الفاصل القائم الذي يسمح للمادي الفخور بماديته أن يقول لخصمه: أنا مادي المس الحقيقة، وأنت خيالي تطير وراء المحال؟ •••

زعم فيثاغوراس قبل خمسة وعشرين قرنا أن الوجود كله قوامه من عدد ونغم، أو أن الوجود كله بعدده ونغمه يقوم على النسب الموسيقية.

ولم يذكر فيثاغوراس شيئا عن الموجودات المعدودة، فهو يذكر العدد، ولا يعنيه أمر المعدودات كأنه يقدم العدد في الاعتبار، ويجعل النسبة الموسيقية بين الأعداد أصلا تتبعه الفروع.

وسمع بهذا الرأي الفلسفي كاتب يعرف الكيمياء معرفة الصيدلي الماهر، ويشتغل بالدراسات العلمية الحديثة، ولا سيما مذهب النسبية في شعبتها الخاصة وشعبتها العامة، فما كاد الكاتب الصيدلي يصغي إلى ذلك الرأي الفسلفي حتى صاح محنقا: ما هذا اللغو السخيف؟ الوجود كله عدد؟ الوجود كله نسب موسيقية؟ أما آن للعقل البشري أن يتحرر من هذا الهراء العقيم الذي أكل عليه الزمان وشرب وضاعت فيه الدهور عبثا بين الجدل والسفسطة؟

ولم يقنع الكاتب الكيمي بما قال في ثورة العضب، بل كتب مقالا بهذا المعنى لم يعدل فيه عن وصف الفيلسوف الكبير بالسخف والجهالة.

ولقيت صاحبنا فقلت له: إن آخر من يحق له أن يرمي الفلسفة العددية بالسخف لهو الباحث الذي يعرف الكيمياء معرفتك، ماذا تقول الكيمياء عن أصل المادة بحذافيرها وأصل المعدودات على «تعدد» حسابها.

قال: إنها من عناصرها المعروفة.

قلت: وماذا نعرف من عناصرها؟

Halaman tidak diketahui