ثم الصلاة على آله مصابيح الظلام، وصحابته نجوم الإسلام، ما نمّقت ثريحه وحبّرت، وأنشأت رويه وعبّرت.
وبعد؛ فإنَّني لمّا قاربت إنهاء كتابي الموسوم "تحفة الوزراء" /٢ ب/ المذيل على كتاب "معجم الشعراء" الذي ألَّفه وجمعه الشيخ أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني الكاتب –رحمه الله تعالى- فجاء كامل الوصف في تنقيحه، بديع الصنعة في تحريره وترقيحه؛ أحسن زينة من العرائس، تجلى في الغلائل النفائس.
فأخلدت إلى أن أجمع من الشعراء الذين دخلوا في المائة السابعة وأدركوها، وانخرطوا في سلك فريقها وجاوزوها، ومن وطئ بساطها، وسلك سراطها، على حسب ما صار لدىَّ حصوله، واتفق إلىَّ وقوعه ووصله؛ من شعراء عصري، ومحاسن فضلاء دهري، وأفرد لذلك كتابًا بسيطًا، حاويًا لشوارد كلامهم محيطًا، يشتمل السمين والغيث، والقشيب والرث؛ ليكون أجمل في العيون وأبهى، وأحلى في النفوس وأشهر. لا يملّ من تصفحُّه قاريه، بل يروق له ما اشتملت عليه مطاويه.
فبادرت –بحمد الله وحوله- وفضله السابغ وطوله، ألتقطه من الشفاه، وأتلقفه من الأفواه، وأودعه ما يستحب ذكره، وأسطر في غضونه ما يجب سطره /٣ أ/ من شعراء أهل العصر، إذ هم الجمّ الغفير الذين لا يأتي عليهم الحصر؛ فإن حصرهم بحر لا يدرك قعره، ومتاع لا يسبرّ على الحقيقة سعره.
ثم لا يشقّ هذا الغبار، ويجري في هذا المضمار، ويتمسك بهذه الأسباب،
1 / 60