ويقال له: أنت قلت: إن الذي تكلفه النحاة من التعديلات واه لا يثبت على محك النظر، أفهذا التعليل الذي أوردته قوي ثابت على محك النظر، ليس فيه مغمز ولا قدح.
أهذا طعن من يشفي غليلا ... وإقدام امرىءٍ عاب الرجالا!
هل كلمة الإمة بالكسر فصيحة
قال أيضًا في هذا الفصل، وقد ذكر الإمة بكسر الهمزة: ورأيت صاحب كتاب الفصيح وقد ذكرها فيما اختاره من الألفاظ الفصيحة. ويا ليت شعري ما الذي رآه من فصاحتها.
ثم زاد في الحط عليه وأكثر من ذلك.
أقول: إن أبا العباس ثعلبا ﵀ ما ذكر ذلك إلا التزاما بورودها لأجل الباب الذي عقده لذلك. فقال: باب المكسور أوله، والمضموم باختلاف المعنى فاضطر لذكرها وذكر أمثالها في هذا الباب: من الخطبة والصفر والرحلة والعشر. التزاما بورود ما جاء في ذلك. وقد يكون المكسور أعذب، وقد يكون المضموم أعذب وأئمة اللغة إذا قالوا فصيح ما يريدون به العذوبة والحسن ولا بد، وإنما يريدون به كثرة الاستعمال، والعذوبة قد تجيء بعد ذلك ضمنا وتبعا.
ولهذا تسمعهم يقولون اللغة الصحى في زئبق، وزئبر الثوب الهمز دون التسهيل، وإن كان التسهيل أخف وأعذب من الهمز فالأفصح الهمز.
وكذا قولهم السمع بتحريك الميم أفصح من السكون، والحس يشهد بأن التسكين أخف وأحسن. فكل عذب فصيح ولا ينعكس.
قال في ذلك أيضًا: وكذلك فعل بفتح الفاء وضم العين فليس له إلا اسم واحد أيضًا وهو فعيل، ولا يقع فيه اختلاف إلا ما شذ. لكن فعل بفتح الفاء وكسر العين يقع في اسم فاعله الاختلاف استحسانا واستقباحا لأن له ثلاثة أوزان نحو فاعل وفعل وفعلان، تقول منه: حمد فهو حامد وحمدان.
أقول: إن فعلا بضم العين، ليس فاعله مقصورا على فعيل بل قد يأتي على فعال. نحو جبن فهو جبان، وحصنت المرأة فهي حصان.
وقد يأتي على فعل بتحريك العين، نحو بطل فهو بطل وحسن فهو حسن. وقد يجيء على فعال بضم الفاء نحو فرت الماء فهو فرات، وضخم الشيء فهو ضخام، وشجع فهو شجاع. وقد يجيء على فعول نحو حصرت الناقة فيه حصور، وعزت فهي عزوز. وقد يجيء على فاعل نحو حمض اللبن فهو حامض. وقد يجيء على فعل نحو غمر الرجل إذا لم يجرب الأمور فهو غمر، وصلب الشيء فهو صلب. وقد يجيء على فعل نحو ندس الرجل فهو ندس ويقظ فهو يقظ. وقد يجىء على فعل بسكون العين كقولك: ضخم فهو ضخم، وسهل فهو سهل، وصعب فهو صعب، وشهم فهو شهم.
أما إذا كان من أفعال السجايا كظرف وشرف وعظم وكبر، فإن اسم فاعله على وزن فعيل تقول في ذلك: ظريف وشريف وعظيم وكبير.
وأما فعل بكسر العين، فإنه أطلق العبارة وادعى أن فاعله يجيء على ثلاثة أوزان فاعل وفعل وفعلان والقاعدة في ذلك أن الفعل لا يخلو من ثلاث صيغ: فعل بفتح العين كضرب وفعل بكسر العين كعلم وفعل بضم العين كظرف. أما الأول، فاسم فاعله مطرد القياس على فاعل كضرب فهو ضارب، وذهب فهو ذاهب، وغلب فهو غالب، ونقص فهو ناقص، وكمل فهو كامل.
وأما الثاني وهو فعل بكسر العين فاسم فاعله على فاعل مسموع، لا يتعدى بذلك النقل، وليس للقياس في ذلك مدخل. كقولك: أمن فهو آمن، وسلم فهو سالم، وسخط فهو ساخط ورضي فهو راض.
فأما اطراد اسم فاعل فعل على فعل، فهو إذا كان لازما غير متعد، وهو فعل العرض الذي هو غير مستقر، كقولك: فرح فهو فرح، وغرث فهو غرث، وبطن فهو بطن، وأشر فهو أشر، فهذا مطرد.
وإذا كان متعديا كما ذكره ابن الأثير في حمد فلا يطرد فاعله على فعل أما حمد فما سمعته قط. وأظن ابن خالويه في كتاب ليس قال: ليس في الأسماء ما بني على ثلاثة أسماء مثل: رحم فهو راحم ورحيم ورحمان، إلا سلم فهو سالم وسليم وسلمان، وندم فهو نادم ونديم وندمان. وقيل: إنه ادعى مثل هذا في مجلس سيف الدولة بن حمدان، وذكرت هذه القاعدة وابن خالويه حاضر. فقال: قد بقيت واحدة من نسب الأمير وهي حمد فهو حامد وحميد وحمدان، وهذه من محاسن ابن خالويه. ولو كان في فاعلها حمد لذكر في ذلك الوقت.
فإن كان فعل من أفعال الألوان والخلق، فاسم فاعله على أفعل نحو عور فهو أعور وحول فهو أحول، وجهر فهو أجهر، وكدر فهو أكدر. وكذا خضر وسود وصفر، كلما كان من الألوان فاسم فاعله أفعل.
1 / 38