86

Nur

النور لعثمان الأصم

Genre-genre

والرد على من أبى حكمه الامتحان على وجهين: فوجه أن يمتحن، ليعلم بامتحانه، ما خفي عليه. ووجه لإيجاب الحجة، وقطع العذر. والبارئ تعالى، عالم بالخلق وما تئول إليه عواقبهم، فلا يمتحنهم بشيء خفي عليه من أمرهم، ولكن مبتليا لهم بالفرض، ليثيب بالطاعة من أطاعه، ويعذب بالمعصية من عصاه.

والحكمة من هذا الاختبار والامتحان: أن في الشاهد لا ينبغي للحاكم أنيحكم بعلمه، من غير إقامة المدعي البينة أو يمين المنكر؛ لأنه إذا حكم بعلمه، دون ظهور وجه الأمر فيه لغيره، اتهم بالميل إلى الجور. فبمثل هذا عامل الله عباده فأراد البارئ تعالى أن يظهر فيهم معلومه، لا ليتهم بالميل، وينسب إلى الجور، كما قال تعالى: { فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } معناه: فليظهرن الله معلومه في الذين صدقوا، وليظهرن معلومه في الذين كذبوا. فهذا الامتحان والاختبار. وبالله التوفيق.

الباب الثالث والمائة

في التكليف ووجهة

والحكمة في ذلك التكليف على معنيين: معنى تجوز إضافته إلى الله والآخر لا تجوز.

فالذي تجوز: هو الذي كلفهم، حسب طاقتهم، ليبلغوا منافع لهم، دون بارئهم.

والذي لا تجوز: هو أن يكلفهم، لحاجته إلى ما يكلفهم. تعالى الله عن ذلك؛ إذ لم يزل البارئ غنيا عن جميع العالمين.

مسألة في الحكمة من التكليف:

قال بشير بن محبوب رحمه الله في بيان حكمة التكليف إنا وجدنا العقول، بها زمام الطباع، وآله البيان، وعنان العرفان.

Halaman 86