قيل له: إن الله يعذبهم على الكفر، الذي هو خلق منه لهم، وكسب منهم للكفر، كما أنه تعالى يعذبهم، على الكفر الذي هو معلوم لله ، لا أنه علمه. ولم يعذب الله العباد، لأنه خلق الكفر منهم كسبا لهم. وإنما عذبهم على كسبهم للكفر؛ لا لأن الله خلقه، بل لأنهم عملوه وكسبوه. وبالله التوفيق.
الباب المائة
في تفسير قولهم: يجب الإيمان بالقضاء
وخيره وشره
وسألت عن القدر، خيره وشره. فما خير القدر؟ وما شره، الذي يلزم العباد أن يؤمنوا به؟
فاعلم أن القدر: هو الخلق. تقول: قدر الله وخلق الله. فهذا هو القدر. وخيره وشره: كل خير وكل شر، يلزم العباد أن يعملوا، ويصدقوا ويؤمنوا أن الله خالق كل خير وكل شر. والكفر من الشر. والإيمان من الخير.
الباب الحادي والمائة
بيان من استحق أن يلقب بالقدر
ومن أولى بذلك
اعلم أن الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا كلهم، على ملة واحدة، ومذهب واحد، في قولهم بالقدر، وإقراهم بالقضاء القدر، خيره وشره كله من الله، حتى ادعت القدرية لأنفسها، أن المشيئة والقدرة إليهم، وأنهم في اكتسابهم ذلك، وأعمالهم، أنهم يقدرونها ويفعلونها ويخلقونها، مقدروة لهم، دون خالقهم تعالى. وأن الله لم يخلق إيمان المؤمنين، ولا أفعالهم، ولا حركات أهل الجنة وتلذهم، ولا حركات أهل النار، ولا طيران طير في طيرانه، ولا دبيب ذر النمل، في حركاته، ولا حركة بهيمة، ولا حركات كل متحرك، ولا الإيمان والكفر، ولا الطاعة والمعصية. وأن الأمور مفوضة إليهم، يخلقون أفعالهم. فصار القدري هو الذي يدعى ذلك لنفسه، كما أن الصائغ هو من يعرف أنه يصوغ دون من يزعم أنه يصاغ له. نعوذ من الضلال، وكل ما تحبط به الأعمال. وبالله التوفيق.
الباب الثاني والمائة
في الامتحان وجمعه والحكمة منه
Halaman 85